فصل 
في مسائل تتعلق بالباب الثالث 
إحداها : في المنثور للمزني ، أنه لو استأجر لخياطة ثوب ، فخاطه بعضه ، واحترق الثوب  ، استحق الأجرة لما عمل . وإن قلنا : ينفسخ العقد ، استحق أجرة المثل ، وإلا فقسط المسمى . ولو استأجره لحمل جرة إلى موضع ، فزلق في الطريق فانكسرت ، لا شيء له من الأجرة . 
والفرق أن الخياطة تظهر على الثوب ، فوقع العمل مسلما بظهور أثره ، والحمل لا يظهر على الجرة . الثانية : أجر أرضا فغرقت بسيل أو ماء نبع منها  ، فإن لم يتوقع الخسارة في مدة الإجارة ، فهو كانهدام الدار . وإن توقع ، فللمستأجر الخيار كما لو غصبت . فإن أجاز ، سقط من الأجرة بقدر ما كان الماء عليها . وإن غرق نصفها وقد مضى نصف المدة ، انفسخ العقد فيه . 
والمذهب : أنه لا ينفسخ في الباقي ، بل له الخيار فيه في بقية المدة . فإن فسخ وكانت أجرة المدة لا تتفاوت ، فعليه نصف المسمى للمدة الماضية . وإن أجاز ، فعليه ثلاثة أرباع المسمى ، فالنصف للماضي ، والربع للباقي . 
الثالثة : تعطل الرحى لانقطاع الماء ، والحمام لخلل في الأبنية ، أو لنقص الماء في بئره ونحوه  ، كانهدام الدار ، وكذا لو استأجر قناة فانقطع ماؤها . فلو نقص ،   [ ص: 264 ] ثبت الخيار ولم ينفسخ . ولو استأجر طاحونتين متقابلتين ، فنقص الماء ، وبقي ماء تدور به إحداهما ولم يفسخ ، قال  العبادي     : تلزمه أجرة أكثرهما . 
الرابعة : قال في " التتمة " : لو دفع غزلا إلى نساج واستأجره لنسج ثوب طوله عشرة في عرض معلوم ، فجاء بالثوب وطوله أحد عشر  ، لا يستحق شيئا من الأجرة ، وإن جاء به وطوله تسعة ، فإن كان طول السدى عشرة ، استحق من الأجرة بقدره ، لأنه لو أراد أن ينسج عشرة لتمكن منه . وإن كان طوله تسعة ، لم يستحق شيئا ، لمخالفته . 
ولو كان الغزل المدفوع إليه مسدى ، استأجره كما ذكرنا ، ودفع إليه من اللحمة ما يحتاج إليه ، فجاء [ به ] أطول في العرض المشروط ، لم يستحق للزيادة شيئا . وإن جاء به أقصر في العرض المشروط ، استحق بقدره من الأجرة . وإن وافق في الطول ، وخالف في العرض ، فإن كان أنقص ، نظر ، إن كان ذلك لمجاوزته القدر المشروط من الصفاقة ، لم يستحق شيئا من الأجرة ، لأنه مفرط لمخالفته . وإن راعى المشروط في صفة الثوب رقة وصفاقة ، فله الأجرة ، لأن الخلل - والحالة هذه - من السدى . وإن كان زائدا ، فإن أخذ بالصفاقة ، لم يستحق شيئا ، وإلا ، استحق الأجرة بتمامها ، لأنه زاد خيرا . 
الخامسة : مهما ثبت الخيار لنقص ، فأجاز ، ثم أراد الفسخ ، فإن كان [ ذلك ] السبب بحيث لا يرجى زواله ، بأن انقطع الماء ، ولم يتوقع عوده ، فليس له الفسخ ، لأنه عيب واحد وقد رضي به . وإن كان بحيث يرجى زواله ، فله الفسخ ما لم يزل ، لأن الضرر يتجدد ، كما لو تركت المطالبة بعد مدة الإيلاء ، أو الفسخ بعد ثبوت الإعسار ، فلها العود إليه . وكذا لو اشترى عبدا فأبق قبل القبض وأجاز ، ثم أراد الفسخ ، فله ذلك ما لم يعد العبد . 
 [ ص: 265 ] فصل 
لو أراد المستأجر أن يستبدل عن المنفعة  ، فإن كانت الإجارة في الذمة ، لم يجز . وإن كانت إجارة عين ، قال  البغوي     : هو كما لو أجر العين المستأجرة للمؤجر ، وفيه وجهان . أصحهما : الجواز وإن جرى بعد القبض . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					