مسألة : قال  الشافعي   رضي الله عنه : " وكذلك يشهد على عين المرأة ونسبها إذا تظاهرت له الأخبار ممن يصدق بأنها فلانة ورآها مرة وهذا كله شهادة بعلم كما وصفنا " .  
قال  الماوردي      : وهذا صحيح إذا أراد أن يشهد بنسب امرأة كانت الشهادة أغلظ منها في نسب الرجل ، لبروز الرجل وخفر المرأة ، وإباحة النظر إلى الرجل ، وتحريمه في المرأة ، فصارت بهذين الأمرين أغلظ فاحتاج في العلم بنسبها إلى أمرين :  
أحدهما : معرفة عينها بالمشاهدة على وجه مباح ، وقد يكون ذلك من أحد وجوه : منها أن يراها في صغرها ، وقبل بلوغها في حالة لا يحرم النظر إليها ، فيثبت معرفة عينها في الصغر حتى لم تخف عليه في الكبر .  
ومنها أن تكون من ذوي محارم يستبيح النظر إليهن فيعرفها بالمشاهدة والنظر .  
ومنها أن يكثر دخولها على نساء أهله فيقلن له هذه فلانة ، فيعرف شخصها بما يتفق له من نظرة بعد نظرة لم يقصدها ، فيصير عارفا بها .  
فأما معرفة كلامها ، فلا يصير به عارفا لها لاشتباه الأصوات ، ومنها أن يتعمد النظر إليها حتى يعرفها ، فهذا موجب لمعرفتها ، لكن إن نظر إلى ما يجاوز وجهها وكفيها كان فسقا ترد به شهادته إلا أن يتوب ، فتقبل وإن  نظر إلى وجهها متعمدا لإقامة الشهادة عليها بعد معرفتها   كان على عدالته فتقبل شهادته ، وإن نظر إلى وجهها عمدا لشهوة كان فسقا ترد به شهادته ، وإن تعمد النظر إليها لغير شهوة ، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال  لعلي      : "  لا تتبع النظرة النظرة فإن الأولى لك والثانية عليك     " فيه تأويلان يختلف حكم عدالته باختلافهما :  
 [ ص: 45 ] أحدهما : يريد لا تتبع نظر عينيك نظر قلبك ، فعلى هذا لا يأثم بالنظر لغير شهوة فيكون على عدالته .  
والتأويل الثاني : لا تتبع النظرة الأولى التي وقعت سهوا بالنظرة الثانية التي توقعها عمدا ، فعلى هذا يكون بمعاودة النظر آثما يخرج به من العدالة ، فلا تقبل شهادته إلا بعد التوبة .  
				
						
						
