مسألة : قال  الشافعي      : فإن اشترطا محاطة ، فكلما أصاب أحدهما وأصاب الآخر بمثله أسقطا العددين ولا شيء لواحد منهما ويستأنفان وإن أصاب أقل من صاحبه حط مثله حتى يخلص له فضل العدد الذي شرط فينضله به .  
قال  الماوردي      : قد ذكرنا أن  النضال على ضربين : محاطة ومبادرة   ، فبدأ  الشافعي   بذكر المحاطة ؛ لأنها كانت غالب الرمي في زمانه ، وقيل : إنه كان راميا يصيب من العشرة ثمانية في الغالب ، وهي عادة حذاق الرماة .  
فإذا  عقدا سبق النضال على إصابة خمسة من عشرين محاطة ورماية   وجب أن تحط أقل الإصابتين في أكثرهما ، وينظر في الباقي بعد الحط ، فإن كان خمسة ، فهو القدر المشروط فيصير صاحبه به ناضلا .  
وإن كان الباقي أقل من خمسة لم ينضل ، وإن كان أكثر أصابه لنقصانه من العدد المشروط ، فإذا كان كذلك لم يخل حالهما بعد الرمي من أحد أمرين : إما أن يتساويا في الإصابة أو يتفاضلا .  
فإن تساويا في الإصابة ، فأصاب كل واحد منهم عشرا عشرا أو خمسا خمسا ، قال  الشافعي      : " فلا شيء لواحد منهما ويستأنفان " ، فاختلف أصحابنا في مراده بقوله : " ويستأنفان " على وجهين ، حكاهما  ابن أبي هريرة      :  
أحدهما : يستأنفان الرمي بالعقد الأول ؛ لأن  عقد المحاطة   ما أوجب حط الأقل مع الأكثر ، وليس مع التساوي عقد حط ، فخرج من عقد المحاطة ، فلذلك استأنفا الرمي ليصير ما يستأنفانه في عقود المحاطة .  
والوجه الثاني : أنه أراد بهما يستأنفان عقدا مستجدا إن أحبا ؛ لأن العقد الواحد لا يلزم فيه إعادة الرمي مع التكافؤ كما لا يلزم في الخيل إعادة الجري مع التكافؤ ، والذي أراه - وهو عندي الأصح - أن ينظر .  
فإن تساويا في الإصابة قبل الرشق استأنفا الرمي بالعقد الأول . وإن تساويا فيه بعد استكمال الرشق استأنفاه بعقد مستجد إن أحبا ؛ لأنهما قبل استكمال الرشق في بقايا أحكام العقد وبعد استكماله قد نقضت جميع أحكامه .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					