مسألة : قال  الشافعي   ، رحمه الله تعالى : " وإن  صلى مسافر بمقيمين ، ومسافرين   فإنه يصلي ، والمسافرون ركعتين ، ثم يسلم بهم ، وأمر المقيمين أن يتموا أربعا وكل مسافر فله أن يتم ، وإنما رخص له أن يقصر الصلاة إن شاء ، فإن أتم فله الإتمام ، وكان  عثمان بن عفان   يتم الصلاة " .  
قال  الماوردي      : وهذا كما قال .  
 [ ص: 391 ] إذا  اجتمع مسافرون ومقيمون فأرادوا الصلاة جماعة   فإن كان فيهم إمام الوقت أو سلطان البلد فهو أولاهم بالإمامة مقيما كان أو مسافرا ، وإن لم يكن فيهم إمام ولا سلطان ، واستووا في الفقه ، والقراءة فإمامة المقيم أولى لأمرين :  
أحدهما : أن يتم الصلاة ، والإتمام أفضل .  
والثاني : لأنه يستوي من خلفه فيكون فراغهم على سواء ، فلهذين كانت إمامة المقيم أولى ، فإن قدموا مسافرا جاز ، وإن كان المقيم أولى ، وهل تكره إمامته أم لا ؟ على قولين :  
أحدهما : نص عليه في الأم أنها مكروهة لهم لخروجه من الصلاة قبلهم .  
والقول الثاني : نص عليه في الإملاء لا يكره لهم لأن المسافر بخلاف المقيم في إباحة الرخصة ، وليس استباحة الرخصة نقصا فيه ، فإذا أمهم صلى ، ومن خلفه من المسافرين ركعتين إن أحبوا القصر ووجب على من خلفه من المقيمين أن يتموا الصلاة أربعا ، ولم يجز أن يقصروا لأن فرضهم الإتمام ، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بقوم ، ثم قال :  أتموا يا أهل  مكة      .  
وروي  عن  عمر بن الخطاب   ، رضي الله عنه : أنه صلى بقوم فلما فرغ قال أتموا أيها المقيمون فإنا قوم سفر     .  
وروي نحوه عن  عثمان   ، رضي الله عنه ، فإذا سلم الإمام قال  الشافعي   ، اختير أن يأمر المقيمين بإتمام الصلاة أربعا ، فلو أمرهم بذلك قبل إحرامهم كان أولى لأنه ربما جهل بعضهم فسلم بسلامه ، وإن لم يأمرهم بشيء من ذلك فلا حرج عليه ، فإذا  أراد المقيمون إتمام صلاتهم أربعا بعد فراغ الإمام فاستخلف الإمام عليهم واحدا منهم ليتم بهم ، أو قدموا أحدهم   ، وقيل بجواز الاستخلاف على قوله في الجديد ففي جواز هذا وجهان :  
أحدهما : وهو أشبه بقوله يجوز لأنه لما جاز أن يستخلف إذا خرج منها قبل تمام صلاته جاز أن يستخلف إذا خرج منها قبل تمام صلاتهم .  
والوجه الثاني : لا يجوز الاستخلاف عليهم ويتمون الصلاة فرادى : لأن النبي صلى الله عليه وسلم وافى مع  المغيرة بن شعبة   وقد صلى  عبد الرحمن بن عوف ،   رضي الله عنه بالناس ركعة فصلى النبي صلى الله عليه وسلم ركعة ، فلما فرغ  عبد الرحمن   أتم النبي صلى الله عليه وسلم لنفسه ولم يؤم  المغيرة   فدل على أن  الاستخلاف بعد فراغ الإمام   غير جائز ، والفرق بين هذا وبين جواز الاستخلاف قبل فراغ      [ ص: 392 ] الإمام هو أن كمال الجماعة لم يحصل بخروج الإمام قبل الفراغ فجاز أن يستخلف لتكمل فضيلة الجماعة ، وإذا خرج منها بعد الفراغ فقد حصل لهم كمال الجماعة فلم يجز الاستخلاف بعد الكمال ، فأما جواز إتمام الصلاة في السفر فالكلام فيه مع المخالف قد تقدم .  
فأما  صلاة النافلة في السفر   فمستحبة ، وغير مكروهة ، وقد حكى  الشافعي   ، عن شاذ من الفقهاء كراهتها لأنه لما رخص للمسافر في ترك بعض الفرض منع من النفل وهذا غلط : لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتنفل على راحلته في السفر : لأن مسنونات السفر ضربان : ضرب يتخللها ، وضرب يتعقبها ، فلما جاز للمسافر أن يأتي بالمسنون في حال فرضه من التسبيح والقنوت وغيره جاز أن يأتي بالمسنون عقيب فرضه .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					