فصل : فإذا تقرر أن السلام معين من نفس الصلاة فالكلام بعده في ثلاثة فصول :  
أحدها : عدد السلام وهيئته  
والثاني : صفة السلام وكيفيته  
والثالث : وجوب النية فيه  
فأما الفصل الأول : في  عدد السلام وهيئته   
فإن كان المصلي إماما في جمع كثير ومسجد عظيم فالسنة أن يسلم تسليمتين ، وإن كان المصلي مفردا أو مأموما أو إماما في جمع يسير ومسجد صغير ففيه قولان :  
أحدهما : قاله في القديم ، وهو مذهب  مالك      : أنه يسلم تسليمة واحدة من يمينه وتلقاء وجهه ، وبه قال  ابن عمر ،   وعائشة  ، رضي الله عنهما ،  والأوزاعي   لرواية  هشام بن عروة   عن أبيه ، عن  عائشة  ، رضي الله عنها ،  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلم في صلاته تسليمة واحدة تلقاء وجهه يمتد إلى شقه الأيمن قليلا  
 [ ص: 146 ] والقول الثاني : قاله في الجديد ، وهو مذهب  أبي حنيفة      : أن من السنة أن يسلم تسليمتين إحداهما عن يمينه ، والثانية عن يساره ، وبه قال  أبو بكر ،   وعمر ،   وعلي   ، رضي الله عنهم ، ولرواية  سعد بن أبي وقاص ،   وابن مسعود ،   وابن عمر ،   وعبد الله بن زيد   وسهل بن سعد ،   وجابر بن سمرة   ، رضي الله عنهم ،  أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه وعن يساره  ، وهذا أولى لكثرة رواته ، وقد  روى  عمار بن أبي عمار   قال : كان مشيخة  المهاجرين   يسلمون تسليمة واحدة ، ومشيخة  الأنصار   يسلمون تسليمتين ، والأخذ بفعل  الأنصار   أولى لتأخرهم ،  فإذا ثبت هذا فالواجب منهما تسليمة واحدة لا يختلف فيها . فلو اقتصر عليها أجزأته صلاته ، وإنما الكلام في التسليمة الثانية هل هي مسنونة أو لا ؟ فأصح القولين أنها سنة ، فعلى هذا لو تركها الإمام واقتصر على تسليمة واحدة أجزأه ويأتي المأموم بالثانية ، لأنه من سنن صلاته وهو بسلام الإمام قد خرج من إمامته فكان مأمورا بها كما لو قالها الإمام  
				
						
						
