مسألة : قال  الشافعي      : " ولو  سمى لهما أو لأحدهما صداقا   فليس بالشغار المنهي عنه ، والنكاح ثابت ، والمهر فاسد ، ولكل واحدة منهما مهر مثلها ونصف مهر إن طلقت قبل الدخول ، فإن قيل : فقد ثبت النكاح بلا مهر ، قيل : لأن الله تعالى أجازه في كتابه ، فأجزناه ، والنساء محرمات الفروج إلا بما أحلهن الله به ، فلما نهى عليه الصلاة والسلام عن نكاح الشغار ، لم أحل محرما بمحرم ، وبهذا قلنا في نكاح المتعة والمحرم ( قال ) وقلت لبعض الناس : أجزت نكاح الشغار ، ولم يختلف فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ورددت نكاح المتعة وقد اختلف فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم ،      [ ص: 326 ] وهذا تحكم ، أرأيت إن عورضت ، فقيل لك  نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تنكح المرأة على خالتها أو على عمتها  ، وهذا اختيار ، فأجزه ، فقال : لا يجوز : لأن عقده منهي عنه ، قيل : وكذلك عقد الشغار منهي عنه ( قال  المزني      ) رحمه الله : معنى قول  الشافعي      :  نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الشغار  ، إنما نهى عن النكاح نفسه لا عن الصداق ، ولو كان عن الصداق لكان النكاح ثابتا ، ولها مهر مثلها " .  
قال  الماوردي      : وهذا كما قال : اختلف أصحابنا في صورة هذه المسألة على وجهين :  
أحدهما : صورتها أن تقول : قد زوجتك بنتي على أن تزوجني بنتك ، على أن صداق كل واحدة منهما بضع الأخرى ومائة درهم ، فيصح النكاحان اعتبارا بالاسم ، وأنه لا يسمى مع المهر مذكورا شغارا خاليا ، ويكون لكل واحد منهما مهر مثلها لفساد الصداق .  
والوجه الثاني : أن هذه المسألة شغار ، يفسد فيه النكاحان ، اعتبارا بالمعنى ، وهو التشريك في البضع ، وهو أن صورة مسألة  الشافعي      - رضي الله تعالى عنه - التي لم يجعلها شغارا أن يقول : قد زوجتك بنتي على صداق مائة على أن تزوجني بنتك على صداق مائة ، فالنكاحان جائزان : لأنه لم يشرك في البضع ، ولا جعل المعقود عليه معقودا به ، ويبطل الصداقان : لأن فساد الشرط راجع إليه فأسقط فيه ما قابله وهو مجهول فصار باقيه مجهولا ، والصداق المجهول يبطل ولا يبطل به النكاح بخلاف البيع الذي يبطل ببطلان الثمن ، فلو قال : قد زوجتك بنتي بصداق ألف على أن تزوجني بنتك بصداق ألف على أن بضع كل واحدة منها بضع الأخرى ، صح النكاحان على الوجه الأول ، ولم يكن شغارا : لما تضمنه من تسمية الصداق ، وبطل النكاحان على الوجه الثاني ، وكان شغارا لما فيه من التشريك في البضع ، ولو قال : زوجتك بنتي على أن تزوجني بنتك ، صح النكاحان على الوجهين معا ، وكان لكل واحدة منهما مهر مثلها ، لما ذكرنا من أنه شرط يعود فساده إلى المهر المستحق ، ولو قال : زوجتك بنتي على أن تزوجني بنتك على أن بضع بنتي صداق بنتك ، بطل نكاح بنته : لأنه جعل بضعها مشتركا ، وصح نكاحه على بنت صاحبه : لأنه لم يجعل بضعها مشتركا ، ولو قال : علي أن صداق بنتي بضع بنتك ، صح نكاح بنته ، وبطل نكاحه لبنت صاحبه : لأن الاشتراك في بضعها لا في بضع بنته ، فتأمله تجده مستمر التعليل ، وبالله التوفيق .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					