فصل : فإذا تقرر أن خروج البول منهما يقتضي أن يكون مشكلا فقد اختلف الفقهاء في ميراثه ، فمذهب  الشافعي   أنه يعطي الخنثى أقل نصيبه من ميراث ذكر أو أنثى ، وتعطي الورثة المشاركون له أقل ما يصيبهم من ذكر أو أنثى ، ويوقف الباقي حتى يتبين أمره ، وبه قال  داود   وأبو ثور   ، وقال  أبو حنيفة      : أعطيه أقل ما يصيبه من ميراث ذكر أو أنثى ، وأقسم الباقي بين الورثة ، ولا أوقف شيئا ، وسئل  مالك   عن الخنثى فقال لا أعرفه إما ذكرا أو أنثى ، وروي عنه      [ ص: 169 ] أنه جعله ذكرا ، وروي عنه أنه أعطاه نصف ميراث ذكر ونصف ميراث أنثى ، وهذا قول  ابن عباس   والشعبي   وابن أبي ليلى   والأخير من قول  أبي يوسف      .  
فإن ترك خنثيين : قال  أبو يوسف   إن لهما حالين : حالا يكونان ذكرين وحالا يكونان أنثيين ، وأعطيه نصف الأمرين ، وهكذا يقول في الثلاثة وما زادوا ، وقال  محمد بن الحسن      : أنزل الخنثيين أربعة أحوال : ذكرين وأنثيين والأكبر ذكرا والأصغر أنثى ، أو الأكبر أنثى والأصغر ذكرا ، وأنزل الثلاثة ثمانية أحوال والأربعة ستة عشر حالا ، والخمسة اثنين وثلاثين حالا .  
وما قاله  الشافعي   من دفع الأقل إليه ودفع الأقل إلى شركائه ، وإيقاف المشكوك فيه أولى لأمرين :  
أحدهما : أن الميراث لا يستحق إلا بالتعيين دون الشك وما قاله  الشافعي   يعين ، وما قاله غيره شك .  
والثاني : أنه لما كان سائر أحكامه سوى الميراث لا يعمل فيها إلا على اليقين ، فكذلك الميراث ، فعلى هذا لو  ترك الميت ابنا وولدا خنثى   ، فعلى قول  الشافعي   للابن النصف إن كان خنثى رجلا ، وللخنثى الثلث كأنه أنثى ويوقفوا السدس ، فإن بان ذكرا رد على الخنثى ، وإن بان أنثى رد على الابن ، وعلى مذهب  أبي حنيفة   يكون للخنثى الثلث والباقي للابن ولا يوقف شيء ، وعلى قول  أبي يوسف   ومحمد   ومن قال بتنزيل الأحوال لو كان الخنثى ذكرا كان له النصف ، ولو كان أنثى كان له الثلث ، فصار له في الحالين خمسة أسداس ، فكان له في إحداهما أنثى سدسان ونصف وللابن لو كان الخنثى أنثى الثلثان ، ولو كان ذكرا النصف ، فصار له في الحالين سبعة أسداس ، فكان له في إحداهما نصف ونصف سدس فيقسم بينهما من اثني عشر للابن سبعة وللخنثى خمسة .  
ولو  ترك بنتا وترك ولدا خنثى وعما   ، فعلى مذهب  الشافعي   للبنت الثلث وللخنثى الثلث : لأنه أقل والثلث الباقي موقوف لا يدفع إلى العم ، فإن بان الخنثى ذكرا رد عليه ، وإن بان أنثى دفع إلى العم .  
وعلى قول  أبي حنيفة   يدفع الثلث الباقي إلى العم ، ولا يوقف .  
وعلى قول من نزل حالين قال للبنت الثلث في الحالين فيدفع إليها ، وللخنثى السدس إن كان ذكرا الثلثان ، وإن كان أنثى الثلث ، فصار له في الحالتين الكل ، وكان له في أحدهما النصف فيأخذه ، وللعم إن كان الخنثى أنثى الثلث ، وليس له إن كان ذكرا شيء ، فصار له في الحالين الثلث ، فكان له في إحداهما السدس ، ويقسم من ستة للبنت سهمان وللخنثى ثلاثة أسهم وللعم سهم ، ولو  ترك ابنا وبنتا وخنثى   ، فعلى مذهب  الشافعي   هو من عشرين سهما : لأن الخنثى إن كان ذكرا فهو من خمسة ، وإن كان أنثى فمن أربعة ، فصار مجموع الفريضتين من عشرين ، وهو مضروب خمسة في أربعة للابن الخمسان ثمانية أسهم ،      [ ص: 170 ] وللبنت الخمس أربعة أسهم ، وللخنثى الربع خمسة أسهم ويوقف ثلاثة أسهم ، فإن بان الخنثى رد عليه ، فصار له ثمانية أسهم كالابن ، وإن كان أنثى رد منها على الابن سهمان ، وعلى البنت سهم .  
وعلى قول  أبي حنيفة   هي من أربعة أسهم للابن سهمان وللبنت سهم وللخنثى سهم ولا يوقف شيء .  
وعلى قول من نزل حالين يقول هي من عشرين للابن إن كان الخنثى ذكرا ثمانية ، وإن كان أنثى عشرة ، فصار له في الحالين ثمانية عشر سهما فكان له في إحداهما تسعة أسهم وللبنت إن كان الخنثى ذكرا أربعة ، وإن كان أنثى خمسة ، فصار له في الحالين تسعة ، فكان له في إحداهما أربعة ونصف وللخنثى إن كان ذكرا ثمانية ، وإن كان أنثى خمسة ، فصار له في الحالين ثلاثة عشر ، فكان له في إحداهما ستة ونصف وتصح من أربعين لنزول الكسر ، فلو  ترك ولدا خنثى وولد ابن خنثى وعما   ، فعلى مذهب  الشافعي   للولد النصف ويوقف السدس بين الابن وابن الابن والخنثيين : لأنه لأحدهما ويوقف الثلث بين العم والخنثيين .  
وعلى قول  أبي حنيفة   للولد النصف ولولد الابن السدس ، والباقي للعم .  
وعلى قول من نزل حالين يقول إن كانا ذكرين فالمال للولد ، وإن كانا أنثيين فللولد النصف ولولد الابن السدس ، والباقي للعم ، فيأخذ الولد نصف الحالين وهو ثلاثة أرباع المال ، ويأخذ ولد الابن نصف الحالين وهو نصف السدس ، ويأخذ العم نصف الحالين وهو السدس .  
وعلى قول من ينزل بجميع الأحوال ينزلها أربعة أحوال فيقول : إن كانا ذكرين فالمال للولد ، وإن كانا اثنتين فللولد النصف ولولد الابن السدس ، والباقي للعم ، وإن كان الولد ذكرا وولد الابن أنثى ، فالمال للولد ، وإن كان الولد أنثى وولد الابن ذكرا فللولد النصف ، والباقي لولد الابن ، فصار للولد في الأربعة الأحوال ثلاثة أموال ، فكان له في كل حالة ربعها وذلك ثلاثة أرباع مال ، ولولد الابن في الأربعة الأحوال ثلث المال ، فكان له في حالة واحدة ربع ذلك وهو نصف السدس ، ثم على قياس هذا ، والله أعلم بالصواب .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					