فصل : وأما  أبو حنيفة   فاستدل على أن  القاتل إذا كان صبيا أو مجنونا   ورث ، وهكذا من قتل بسبب كحافر البئر وواضع الحجر بما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : رفع القلم عن ثلاث : عن الصبي حتى يحتلم ، وعن المجنون حتى يفيق ، وعن النائم حتى ينتبه  فاقتضى عموم ذلك رفع الأحكام عنه .  
 [ ص: 86 ] قال : ولأن كل عقوبة تعلقت بالقتل سقطت عن الصبي والمجنون كالقود ، ودليلنا عموم قوله - صلى الله عليه وسلم - :  ليس لقاتل شيء     .  
ولأن موانع الإرث يستوي فيها الصغير والكبير والمجنون والعاقل كالكفر والرق ، ولأنه قتل مضمون وجب أن يمنع الإرث كالبالغ العاقل ، ولأن كل فعل لو صدر عن الكبير قطع التوارث ، فإذا صدر عن الصغير وجب أن يقطع التوارث .  
أصله فسخ النكاح ، ولأن منع القاتل من الإرث لا يخلو أن يكون بمكان الإرث ، فهو ما يقوله من صنع الإرث لكل من انطلق عليه الاسم أو يكون لأجل التهمة ، فقد يخفى ذلك من الخاطئ والمجنون والصبي لاحتمال قصدهم ولظاهرهم بما ينفي التهمة عنهم ، فلما خفي ذلك منهم صار التحريم عاما كالخمر التي حرمت ، ولأنها تصد عن ذكر الله وعن الصلاة ، فحسم الله تعالى الباب في تحريم قليلها وكثيرها ، وإن كان قليلا لا يصد لاشتباه الأمر بما يصد .  
فأما قوله - صلى الله عليه وسلم - :  رفع القلم عن ثلاث  فإنما أراد به رفع المأثم ، وليس رفع الإرث متعلقا برفع المأثم ، كالخاطئ والنائم لا مأثم عليهما ، ولو انقلب نائم على مورثه فقتله لم يرثه بوفاق من  أبي حنيفة   ، وهكذا الجواب عن قولهم : إن منع الإرث عقوبة ، فأشبه القود : لأن الخاطئ لا عقوبة عليه وكذلك المسلم يمنع من ميراث المسلم وإن لم يستحق العقوبة .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					