فصل : وأما  المحال عليه   فهو من انتقل الحق بالحوالة من ذمة المحيل إلى ذمته ، وظاهر مذهب  الشافعي   أن رضاه غير معتبر في صحة الحوالة ، بل تتم برضا المحيل والمحتال سواء رضي بذلك المحال عليه أم لم يرض ، وبه قال من أصحابنا  أبو العباس بن سريج   وأبو إسحاق المروزي   وأبو علي بن أبي هريرة   ، وقال  أبو إبراهيم المزني   وأبو عبد الله الزبيري   وأبو سعيد الإصطخري   وأبو حفص بن الوكيل      : الحوالة لا تتم إلا برضا المحال عليه فإن لم يقبلها ولم يرض بها لم تصح ، وبه قال  أبو حنيفة   ومالك   استدلالا بأن من كان وجوده في الحوالة شرطا كان رضاه فيها شرطا كالمحيل والمحتال .  
ولأن الدين قد يتعلق بالذمة أصلا وبالرهن فرعا ، فلما لم يكن لصاحب الدين أن يولي الرهن غيره فأولى ألا يكون له أن يولي الذمة غيره ولأنه ربما كان صاحب الدين أسهل اقتضاء وأسهل معاملة وأسمح قبضا ، فلا يرضى من عليه الدين بمعاملة غيره : لأنه بخلاف معاملته ، فلذلك كان بقاء الدين بالحوالة موقوفا على قبوله ، ودليلنا أن من عليه الدين مملوك الذمة ، فلم يكن رضاه معتبرا في نقل الملك كبيع العبد المملوك ، ولأن بالحوالة يزول ملكه عن الدين كالإبراء .  
فلما لم يكن رضا المبرأ معتبرا في صحة البراءة ، لم يكن رضا المحال عليه معتبرا في صحة الحوالة ، ولأن مالك الدين مخير في استيفائه بنفسه وبغيره ، كالوكيل وكذلك بالمحتال .  
 [ ص: 419 ] فأما الجواب عما ذكروه من المحيل والمحتال فالمعنى في المحيل أنه مالك فكان رضاه معتبرا في زوال ملكه والمحال عليه مملوك ، والمعنى في المحتال أنه لما لم تتم البراءة من دينه إلا برضاه لم تتم الحوالة به إلا عن رضاه ، ولما تمت البراءة عن الدين الذي على المحال عليه بغير رضاه تمت الحوالة بغير رضاه .  
وأما الجواب عن الرهن فهو أن المرتهن لما لم يملك الرهن لم يكن له أن ينقله إلى غيره ، ولما كان المحيل مالكا للدين جاز أن ينقله إلى غيره .  
وأما الجواب عن قولهم : إن من عليه الدين لم يرض إلا بمعاملته ولا دخل إلا تحت ملكه ، فمنتقض بالوكيل ثم يقال هو كمن قد ملكت ذمته كالعبد المملوك الذي لا خيار له في تمليك رقبته أشبه .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					