مسألة : قال  الشافعي   رضي الله عنه : " ولا يدفع إلى من اشترى شيئا حتى يقبض الثمن " .  
قال  الماوردي      : قد ذكرنا في كتاب البيوع أن  من باع سلعة لم يلزمه تسليمها إلى المشتري ما لم يظهر منه بذل الثمن   ،  فإن بذل المشتري الثمن وقال : لا أدفع حتى أقبض المبيع   فيه أربعة أقاويل :  
أحدها : أن الحاكم يأمرهما بإحضار الثمن والمثمن إلى مجلسه ليدفع كل واحد منهما بعد حصولهم إلى مستحقه .  
والقول الثاني : أن الحاكم ينصب لهما عدلا يفعل ذلك .  
والقول الثالث : أن الحاكم يدعهما ولا يخير واحد منهما لكن يمنعهما من المخاصمة .  
والقول الرابع : أنه يخير البائع أولا ثم المشتري بعده - فإذا تقرر هذا فالجواب في متاع المفلس إذا بيع عليه أنه متى لم يظهر من المشتري بذل لم يجز للعدل تسليم المبيع إليه      [ ص: 317 ] وإن ظهر من المشتري بذل الثمن وقال : لا أدفعه حتى أقبض الثمن فقد اختلف أصحابنا ، فكان  البغداديون   منهم يخرجون ذلك على الأقاويل كالمبيع إذا كان على غير مفلس لكن لا يجيء هاهنا إلا ثلاثة أقاويل :  
أحدها : أنه يأمرهما بإحضار ذلك إلى مجلسه .  
والثاني : أن ينصب لهما عدلا غير العدل الذي يتولى مال المفلس .  
والثالث : أنه يجبر بائع مال المفلس على التسليم ثم المشتري على الدفع للثمن .  
فأما القول الرابع : أن الحاكم يدعهما معا فلا يجيء هاهنا ، قالوا : ومعنى قول  الشافعي      : أنه لا يدفع إلى من اشترى شيئا حتى يقبض الثمن ، يعني : حتى يظهر له بذل الثمن .  
قالوا : لأن الحاكم وإن لزمه الاحتياط للمفلس فليس له إجبار المشتري على ما لا يجوز إجباره عليه ، وقال  البصريون   منهم : بل لا يجوز  لبائع مال المفلس أن يدفع المبيع   إلا بعد قبض الثمن قولا واحدا بخلاف من ليس بمفلس لأمرين :  
أحدهما : أن مال المفلس يلزمه فيه من الاختلاط ما لا يلزم في غيره ، والمشتري ماله داخل على بصيرة .  
والثاني : أن بيع مال المفلس بحكمه ، فالمشتري يأمن في تعجيل الثمن بحكم الحاكم به ما لا يأمن في غيره ، فكان ما يتخوفه مع غير المفلس مأمونا في ابتياع مال المفلس .  
				
						
						
