الفصل الثالث : في الناسخ والمنسوخ .
يجوز عندنا نسخ الكتاب بالكتاب ، وعند الأكثرين . والسنة المتواترة بمثلها . والآحاد بمثلها ، وبالكتاب ، وبالسنة المتواترة إجماعا .
وأما جواز نسخ الكتاب بالآحاد ، فجائز عقلا غير واقع سمعا خلافا لبعض أهل الظاهر والباجي منا . مستدلا بتحويل القبلة عن بيت المقدس إلى الكعبة .
لنا : أن الكتاب متواتر قطعي ، فلا يرفع بالآحاد المظنونة لتقدم العلم على الظن .
ويجوز نسخ السنة بالكتاب عندنا خلافا للشافعي ، وبعض أصحابه .
لنا : نسخ القبلة بقوله تعالى : ( وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره ) . ولم يكن التوجه إلى بيت المقدس ثابتا بالكتاب عملا بالاستقراء .
ويجوز نسخ الكتاب بالسنة المتواترة لمساواتها له في الطريق العلمي عند أكثر الأصحاب .
[ ص: 112 ] وواقع : كنسخ الوصية للوارث بقوله عليه السلام : لا وصية لوارث . ونسخ الحبس في البيوت بالرجم ، وقال الشافعي رضي الله عنه : لم يقع لأن آية الحبس في البيوت نسخت بالجلد .
والإجماع لا ينسخ ، ولا ينسخ به .
ويجوز نسخ الفحوى الذي هو مفهوم الموافقة تبعا للأصل ، ومنع أبو الحسين من نسخه مع بقاء الأصل دفعا للتناقض بين تحريم التأفيف مثلا ، وحل الضرب .
ويجوز النسخ به وفاقا لفظية كانت دلالته ، أو عقلية على الخلاف ، والعقل يكون ناسخا في حق من سقطت رجلاه ، فإن الوجوب ساقط عنه قاله الإمام فخر الدين .


