السبب الثاني : في خلافة الأبوة ، وهو الوصي  ، وهو عندنا كالأب ، وقاله   ابن حنبل  إن عين الزوج ، ومنع ( ش ) ، و ( ح ) ولايته في البضع مطلقا ; لأن المعنى الذي أثبت الشرع ولاية القرابة منفي عنه ، وهو الشفقة الجلية ، والغيرة الطبيعية ، ولأنه لو كان للأب أن يستخلف فيما له من الولاية حال حياته بعد وفاته لكان له ذلك في الثيب وليس فليس ، والجواب عن الأول : أن شفقة الأب تمنع من استخلاف من لا يوفي بمقاصد إشفاقه ، وإذا حصلت مقاصد الإشقاق فهو كمباشرة المشفق ، وعن الثاني أن الأب في الثيب كسائر الأولياء في عدم الجبر ، والتحكم عليها في مصالحها غايته أنه مقدم على غيره كتقدمة الأخ على العم فكما أن تقدمة الأخ لا توجب له نفوذ وصيته ، فكذلك الأب في الثيب بخلاف الصغيرة حقه فيها متمكن بدليل الخبر فكان الاستخلاف فيه ( فظهر   [ ص: 224 ] الفرق ، ويؤكده أنه حق للأب في حياته فيكون له الاستخلاف فيه بعد وفاته كالمال . 
وفي الكتاب : للوصي تزويج البكر البالغ برضاها  ، وإن كره الولي ، فإن عقد وليها برضاها لم يجز إلا أن يرضى الوصي ، فإن اختلفوا نظر السلطان ، ووصي الوصي كالوصي ، وإن بعد في البكر ، وقال   يحيى بن سعيد     : الوصي أولى من الولي ، ويشاور الولي ، قال  مالك     : والوصي في الثيب كالولي لاستقلالها بنفسها وليس لأحد تزويجها قبل البلوغ إلا الأب دون الوصي وغيره ، وللأب والوصي تزويج الصغير ، ويوكلا في ذلك بخلاف غيرهما ، والمرأة الوصي لا تلي العقد لنقصها عن مرتبة ذلك لكن توكل رجلا بعد بلوغ الصبية ورضاها ، وقبل ذلك فلا ، قال  اللخمي     : الإجبار للآباء ولمن أقاموه في حياتهم أو بعد وفاتهم إذا عين الأب الزوج ، فإن فوضه إليه فله الإجبار ممن يراه قبل البلوغ وبعده على المعروف من قول  مالك  ، ومنع  عبد الوهاب  إجباره لاختصاص الأب بمعنى لا يوجد في غيره من مزيد الشفقة ، وإذا زوج الوصي صغيرة من غير حاجة  فسخ ، فإن بلغت قبل النظر ، قيل : فاسد ، وإن رضيت به لوقوعه على خلاف المشروع ، ويفرق بينهما إلا أن يطول بعد الدخول ، ( وقيل : جائز يتعلق به حقها إن أسقطته سقط ، وإن ردته بطل إلا أن يطول بعد الدخول ) أو يدخل بها عالمة بالخيار ، قال  ابن القاسم     : ولم يبلغ  مالك  بهما قطع الميراث ، وأرى أن يتوارثا لإجازة أكثر الناس له ، وفي الجواهر : قال  عبد الملك     : لا يزوج وصي إلا أن يكون وليا إنما هو وكيل في المال ; لأن المعنى الذي لأجله أثبت الشرع ولاية القرابة مفقود فيه ، وهي الشفقة الجلية . 
قال صاحب التلخيص : إن أوصي من غير بيان فلا يزوج الإناث قبل البلوغ ولا بعده . 
 [ ص: 225 ] دون استئمار على المشهور ، وله تزويج الذكور قبل البلوغ  وبعده دون إذن ، كانت الوصية مطلقة أو مفسرة ، قال صاحب البيان : قال  مالك     : إذا قال : فلان وصي فقط أو وصي على بضع بناتي أبكارا كن أو ثيبا ، فهو بمنزلته في تزويجهن قبل البلوغ وبعده ، وإن قال : على مالي فالقياس أنه معزول على الأبضاع ، قال  ابن يونس     : قال  مالك     : إذا قال الأب للوصي : زوجها من فلان ، أو ممن ترضاه ، أو زوجها فله ذلك قبل البلوغ كالأب ، فإن قال : فلان وصي فقط ، أو على بضع بناتي ، أو على تزويجهن امتنع قبل البلوغ وقبل رضاهن ، قال أصبغ : ولو وصاه بزواج فاسق لم يجز ; لأنه ليس للأب حتى ينتقل للوصي ، ولو قال : زوجها من فلان بعد مدة ، وفرض صداق مثلها ، فذلك لازم إذا طلبه المعين ، ويحكم به ولو كره الوصي إلا أن يتغير حاله من الجودة إلى الدناءة فله مقال ، وليس لها مقال ، بسبب أنه صار له زوجات أو سراري . 
فرع 
في الكتاب : للوصي إنكاح إماء اليتامى ، وعبيدهم  على وجه النظر . 
فرع 
قال  ابن يونس     : إذا قال : إن مت من مرضي فقد زوجت ابنتي من ابن أخي ، قال   سحنون     : إن قيل : ابن الأخ بالقرب جاز ، ومنعه  ابن القاسم     ; لأنه نكاح إلى أجل كما لو قال إذا مضت سنة فقد زوجتك   [ ص: 226 ] ابنتي فلانة ، وأجازه أشهب ، قال صاحب البيان : ولا يجري هذا الخلاف في قول الرجل في جاريته المعتقة : أشهدكم أني قد تزوجتها على صداق كذا وهي غائبة  ، ولا يفرق فيه بين القرب والبعد ; لأنه نكاح انعقد على خيار من أصله لاتحاد الولي ، والزوج كما لو زوج ابنته الثيب الغائبة ، وأعلم الزوج بعدم الإذن بل لا يجوز هذا ، وإن رضيت بعد ذلك ، وقد قال  ابن القاسم     : إن تطاول لا يفسخ مراعاة للخلاف ، فإن مات بعد ولادة الأولاد ، ورثته عند  ابن القاسم  ، وكذلك لو مات بعد الأيام ، بعد يمينها أنها رضيت قبل الموت . 
فرع 
قال صاحب البيان : قال  ابن القاسم     : الذي يكون في حجره اليتيم له مال يزوجه لابنته  إن كان سدادا لليتيم جاز وإلا فلا ، وهو محمول على غير السداد حتى يعلم السداد ; لأنه متهم ، قال  مالك     : لا أحب للوصي أن يزوج يتيمته من نفسه ولا من ابنه . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					