الحكم الثاني : التقليد والإشعار  ، وهما من سنة الهدي ، لما في  مسلم  أنه عليه السلام أشعر بدنة في الجانب الأيسر ثم سلت الدم عنها ، وفي ( الموطأ ) أن  عبد الله بن عمر     - رضي الله عنهما - كان إذا أهدى هديا من المدينة  قلده وأشعره بذي الحليفة  يقلده قبل أن يشعره ، وذلك في مكان واحد وهو متوجه إلى القبلة يقلده بنعلين ، ويشعره من الشق الأيسر ، ثم يساق ، وكان إذا طعن في سنام هديه وهو يشعره ، قال : بسم الله والله أكبر ، وكان يجلل بدنه بالقباطي والأنماط والحلل ، ثم يبعث بها إلى مكة  فيكسوها أياما ، وأما التقليد فلقوله تعالى : (   [ ص: 356 ] ولا الهدي ولا القلائد    ) [ المائدة 2 ] ، قالت عائشة  رضي الله عنها : أنا فتلت قلائد هدي رسول الله عليه السلام ، وقلدها هو بيده ، وقال ( ح ) : الإشعار  بدعة لنهيه عليه السلام عن تعذيب الحيوان  وعن المثلة  ، وجوابه : أن ما ذكرناه خاص فيقدم على عموم ما ذكره سلمنا له التساوي في العموم ، لكن حديث  مسلم  السابق عام الوداع ، وحديث المثلة عام أحد فيكون منسوخا ، وينتقض عليه بالكي والوسم في أنعام الزكاة والجزية لتميزها عن غيرها ، والغرض ههنا أيضا : أن لا تختلط بغيرها ، وأن يتوقاها اللص ، وأن ينحرها من وجدها في محلها فإن التقليد قد يقع فلا يكفي ثم هذه الشعيرة أظهر في الإسلام من احتياجه  لسند  ، وفي ( الكتاب ) : من أراد الإحرام ومعه هدي فليقلده ثم يشعره ثم يجلله إن شاء وذلك واسع ، ثم يدخل المسجد فيركع ويحرم ، ولا ينبغي التقليد ولا الإشعار إلا عند الإحرام إلا أن لا يريد الحج فيفعل ذلك بذي الحليفة  ، وإن لم يكن معه هدي ، وأراد الهدي فيما يستقبل فله أن يحرم ويؤخر الهدي . 
ويقلد الهدي كله ويشعر إلا الغنم لا تقلد ولا تشعر ، وتقلد البقر ولا تشعر  إلا أن تكون لها أسنمة فتشعر ، والإشعار في الجانب الأيسر من سنامها عرضا ، وقال  ابن القاسم     : ولا تقلد بالأوتار ، ولا تقلد فدية الأذى ; لأنها نسك وليست هديا ، ومن شاء جعلها هديا ويجزئ الهدي كله بدون التقليد والإشعار . 
قال  سند     : قال  مالك     : يستحب التقليد بما تنبت الأرض  ، ويجزئ النعل الواحدة   [ ص: 357 ] لحصول التمييز ، قال   ابن المواز     : الإشعار  في أي الشقين شاء ، وقال ( ش )   وابن حنبل     : في الأيمن ، واختاره  عبد الوهاب  في ( المعونة ) لحديث   ابن عباس  ، واختار  مالك  فعل   ابن عمر  فإنه فعل الحرمين ، ويحمل الحديث على بيان الجواز فإن لم يكن للبعير سنام ، قال  مالك     : لا يشعر كالبقر ، قال  ابن حبيب  و ( ش ) : يشعر البقر ، لنا : أنه إنما ورد في السنام فلا يشرع في غيره كالعتق وكالغنم ، قال  ابن حبيب     : الإشعار طولا ورواه عن   ابن عمر  رضي الله عنهما ، ويجوز أن يكون اللفظ مختلفا ، والمعنى متفقا هذا يريد عرض السنام ، وهذا يريد طول البعير ، قال  مالك     : ولا تقلد المرأة ولا تشعر إلا أن لا تجد من يلي ذلك كالذبح ، قال  مالك     : والبياض في الجلال أحب إلينا ، وشق الجلال أحب إلينا على الأسنمة لتثبت ، إن كانت قليلة الثمن كالدرهمين ، وينزع العالي منها ليلا يخرقه الشوك وكان   ابن عمر     - رضي الله عنهما - لا يجلل حتى يغدو من منى    ; لأن جلاله كانت غالية ، قال  ابن حبيب  و ( ش )   وابن حنبل     : تقلد الغنم    ; لما في الصحيحين أنه عليه السلام أهدى غنما مقلدة ، وجوابه : أنه محمول على قلائد أطواق كانت حلقية في أعناقها . لنا : أنها لا تجلب من مكان بعيد فلا تحتاج إلى ذلك ، وفي ( الجواهر ) : قيل بكراهة تقليد النعال . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					