السابع : في ( الكتاب ) : ، قال  ابن القاسم     : من طرد صيدا من الحرم إلى الحل  فعليه جزاؤه لتعريضه للاصطياد ، وإن رمى صيدا في الحرم من الحل أو من الحل في الحرم ، أو في الحل من الحل ، وأدركته الرمية في الحرم  فعليه جزاؤه ، وقاله ( ش ) و ( ح ) نظرا لبداية الفعل كالعقد في العدة والوطء بعدها ونهايته ، وإن أرسل بازه على صيد في الحل بقرب الحرم فقتله في الحرم أو أدخله الحرم  ، وأخرجه معه فقتله فعليه جزاؤه لتغريره فلو كان يبعد من الحرم فلا جزاء عليه في الصورتين ، ولا يؤكل ; لأن ذكاته غير مشروعة لعصمة الصيد بالحرم ابتداء وانتهاء ، ولو أرسل سهمه بقرب الحرم فأنفذ مقاتله في الحل فمات في الحرم  فلا جزاء عليه يؤكل لنفوذ المقاتل في الحل ، وإذا أرسل كلبه على صيد في الحرم فأنشلا رجل آخر بانشلائه  فعليهما جزاءان ، وإن أرسل كلبه على ذئب في الحرم فأخذ صيدا  فعليه جزاؤه لتفريطه إذ ذلك من طبع الجارح ، قال  ابن يونس     : إذا طرد الصيد من الحرم إلى الحل إنما يضمنه إذا كان لا ينجو بنفسه ، وقال  أشهب     : إذا رماه بقرب الحرم ، ولم تنفذ مقاتله ومات في الحرم يؤكل لكمال الفعل قبل الدخول ، وقال  عبد   [ ص: 323 ] الملك     : له إرسال كلبه من الحرم على ما في الحل ويؤكل ; لأن المعتبر من الصيد غايته ، وكذلك قال  أشهب     : في الرجل المعين بإشلائه لا شيء عليه ; لأن أصل الاصطياد الإرسال ، والحكم له بدليل أنه لو نوى بعده أو سمى لم يؤكل صيده ، قال  سند     : واختلف قول  مالك  فيما يقرب من الحرم هل يمنع الصيد كما يمنع الحرم احتياطا ؟ لأن تحديده باجتهاد  عمر     - رضي الله عنه - فرواية  ابن القاسم  لا يمنع ولو قتل طائرا في الحرم وله فراخ فماتوا بذلك  ضمنها ، فإن دنت إلى الحل فماتت فيه ضمنها على أصل  ابن القاسم  ، وكذلك لو حبس الطائر في الحرم وله فراخ في الحل فماتت  ، ولو نقل فراخا من الحل إلى الحرم فماتت فيه ضمنها ; لأنه صيد تلف في الحرم بسببه ، ولو كان أصل شجرة في الحرم ولها غصن في الحل جاز صيد ما عليه من الطير عند  ابن القاسم  ، وتوقف فيه  مالك  ، فإن كان أصلها في الحل فلا يصاد ما عليه ، ويجوز قطعه ، وقال  عبد الملك     : لا يصاد ما عليه ، وإن كان بعض الصيد في الحرم وبعضه في الحل ففيه الجزاء ، وقاله ( ش ) ، وقال ( ح ) : إن كانت قوائمه في الحرم ضمن ، وإن كان رأسه في الحرم وقوائمه في الحل فلا ، وإن كان قائما في الحل ورأسه في الحرم ضمن ; لأن النائم لا يستقر على قوائمه بخلاف اليقظان . 
الثامن : في ( الكتاب ) : إذا صاد طيرا فنتفه ثم حبسه حتى نسل فطار  فلا شيء عليه ، والجزاء على قاتل الصيد عمدا أو خطأ . 
قواعد : العمد والخطأ في ضمان المتلفات سواء إجماعا في المفهوم إذا خرج مخرج الغالب فليس بحجة إجماعا ، الأصل في الكفارات أن لا تكون إلا مع الإثم  كما في الظهار ; لأن التكفير فرع التأثيم ، وقد يوجد بدونه كما في قتل الخطأ لرفع التأثيم عن المخطئ ، للحديث المشهور ، وحنث اليمن لأمره   [ ص: 324 ] عليه السلام بالحنث إذا رأى غيرها خيرا منها . وحنث معه وهو عليه السلام لا يفعل الإثم ، ولا يأمر به فإن جعلنا الصيد من باب الكفارات لظاهر قوله تعالى : ( أو كفارة طعام مساكين    ) [ المائدة : 95 ] وهو المشهور فنجيب عن نفي الإثم بما تقدم ، وعن مفهوم قوله تعالى : ( ومن قتله منكم متعمدا    ) [ المائدة 95 ] فإنه خرج مخرج الغالب على الصيد إنما يقتل مع القصد ، وإن جعلناه من باب قيم المتلفات وهو أحد الأقوال لنا وللعلماء سوينا بين العمد والخطأ بالقاعدة الإجمالية ، وقال  مجاهد     : الجزاء في الخطأ دون العمد ; لأن معنى الآية عنده : ومن قتله منكم متعمدا لقتله ناسيا لإحرامه بدليل قوله تعالى : ( ومن عاد فينتقم الله منه    ) [ المائدة 95 ] فلو كان ذاكرا للإحرام لوجبت العقوبة بدون العود ، ومفهومه إذا قصد مع ذكره للإحرام لا شيء عليه ، وجوابه : أن المراد بالعود أي : في الإسلام بعدما تقدم في الكفر ، وفي ( الطراز ) قال   ابن عبد الحكم     : لا جزاء في الخطأ لمفهوم قوله تعالى : ( متعمدا    ) . 
التاسع : في ( الكتاب ) : من قتل صيودا  فعليه بعددها كفارات ، وإذا أصاب المعتمر الصيد قبل السعي  فعليه الجزاء أو بعده وقبل الحلاق فلا جزاء عليه ، فإذا قتل بازا فعليه جزاؤه غير معلم أو قيمته لصاحبه معلما ، وقاله الأئمة ، قال  سند     : قال   ابن عبد الحكم     : لا يتكرر الجزاء بتكرر الصيد ، وقاله   ابن حنبل     : إن لم يكفر عن الأول ، لنا : أن الحكم يتكرر بتكرر سببه . العاشر في ( الكتاب ) : إذا أحرم العبد بإذن سيده فكل ما لزمه من جزاء صيده وغيره فعلى العبد  ، وليس له إخراجه من مال سيده إلا بإذنه ; لأن هذا لم يتعين عليه بإذن حتى يكون السيد أذن فيه ، وقاله ( ش ) فإن لم يأذن له صام ولا يمنعه الصوم ، وإن أضر به إلا أن   [ ص: 325 ] يهدي عنه ، أو يطعم أو يكون تسببه في ذلك عمدا ، فله المنع إن أضر به ، وإن كسر محرم ، أو حلال بيض طير وحش في الحرم وليس فيه فرخ أو فيه ومات قبل الاستهلال  ففيه عشر قيمة الأم ، قال  ابن القاسم     : فإن استهل ففيه جزاء أمه كاملا كغرة الآدمية . وقال ( ش ) : إنما عليه قيمة البيضة ; لأنه - عليه السلام - قضى في بيض النعام بقيمته   . واتفق الأئمة على تحريم بيض الصيد على المحرم  ، وخالف  المزني     ; لأنه في نفسه ليس بصيد ، وإن أصاب المحرم بيضة من حمام بمكة  أو حلال في الحرم  فعليه عشر دية أمه ، وفي أمه شاة ، وقاله ( ش )   وابن حنبل  ، وقال ( ح ) : إنما فيه قيمة أمه ; لأنه مذهبه في جميع الصيد ، لنا : أنه مروي عن  عمر  وعثمان   وابن عباس   وابن عمر     - رضوان الله عليهم - ولا يعرف لهم مخالف من الصحابة ؛ ولأنه تكثر ملابسة الناس له فيغلظ فيه حفظا له وهو يشبه الشاة ; لأنه يعف كما تعف الشاة ، وإذا كسر المحرم بيض النعام أو سواه لم يأكله حلال ولا حرام ، قال  ابن يونس     : قماري مكة  ويمامها كحمامها . وقاله  أصبغ  ، وقال  عبد الملك     : في القماري واليمام حكومة ، فإن لم يجد الشاة في حمام مكة  صام عشرة أيام وليس فيه صدقة ولا يخير ; لأن الشاة فيه تغليظ ، وفي ( الواضحة ) : هذه الشاة لا تذبح إلا بمكة  كهدي الجزاء قال : وقال في كتاب الصيد : يجوز صيد حمام مكة  في الحل للحلال ، وهذا يدل على أن المحرم إذا أصابه في الحل إنما عليه قيمته ، وإن الشاة خاصة بمكة  أو بالحرم ، وقال  ابن وهب     : إن كان في البيضة فرخ فما قال  مالك  ، وإلا فعليه طعام مسكين أو صيام يوم ; لقوله عليه السلام : ( في كل بيضة صيام يوم   ) قال  سند     : قال  ابن نافع     : في البيضة صيام يوم ولم يفصل ،  ومالك  يرى أن   [ ص: 326 ] نطفة الطير قد انعقدت بيضة كما ينعقد المني علقة ، فإن كانت البيضة مذرة فينبغي نفي الضمان ; لأنها ميتة كالصيد الميت ، ولا قيمة إلا لبيض النعامة لقشرها ، ويوجب  مالك  في الفرخ يستهل ما في الكبير ، وفي كل صغير ما في كبيره ; لأنه مروي عن  عمر  رضي الله عنه . 
في ( الكتاب ) : من أحرم وفي بيته صيد  فليس عليه إرساله فإن كان في يده يقوده أو في قفص معه فليرسله ، ثم لا يأخذه حتى يحل ، وإن أرسله من يده حلال أو حرام لم يضمن لزوال ملك ربه بالإحرام ، ولو حبسه معه حتى حل أو بعث به إلى بيته بعد إحرامه وهو بيده ثم حل وجب إرساله ، ورأى بعض الناس أن له إمساكه ، ولا أخذ به . 
قاعدة : الموانع الشرعية  ثلاثة أقسام : منها ما يمنع ابتداء الحكم واستمراره  كالرضاع يمنع ابتداء النكاح ، ويقطعه إذا طرأ عليه ، وما يمنع ابتداءه فقط  كالاستبراء يمنع ابتداء النكاح ، ولا يقطعه إذا طرأ عليه ، وما هو مختلف فيه هل يلحق بالأول أو بالثاني ؟  كالطول يمنع نكاح الأمة ابتداء ، فإن طرأ عليه هل يقطعه ؟ خلاف ووجدان الماء مع الصلاة بالتيمم يمنع ابتداء ، فإن طرأ بعده خلاف والإحرام يمنع من إنشاء الملك في الصيد ، وهل يبطله إذا طرأ عليه خلاف ؟ فعند  مالك   وابن حنبل     : لا يبطله ، وعند ( ش ) : يزول لقوله تعالى : ( وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما    ) [ المائدة 96 ] والحرام لا يملك ; لأن الملك إذن في المنفعة ، والتحريم منع ؛ ولأن الإحرام يمنع ابتداءه فيمنع دوامه كاللباس ، والجواب عن الأول : أن الصيد مصدر اسم الفعل تقول : صاد يصيد صيدا واصطاد يصطاد اصطيادا ، المعنى واحد فيكون الحرام هو فعل الاصطياد ; لأن الأصل في الكلام الحقيقة ، ونحن نقول بموجبه ; لأن الملك حكم شرعي لا تعاط   [ ص: 327 ] فعلي ، وعن الثاني : المعارضة بالقياس على بقاء الطيب واللباس في ملكه إذا تقرر هذا فلا فرق عندنا بين كونه في يده أو في قفص معه ; لأن اليد الحسية أقوى من اليد الحكمية فبقوتها أشبهت الاصطياد بوجوب إزالة اليد الحسية ، قال  مالك  والأئمة ، قال  سند     : لم يفصل المذهب إذا كان صيدا في بيته إن كان بيته في الحرم أو في الحل بين يديه أو خلفه ، وقال بعض الأصحاب : إن كان بيته من وراء موضع إحرامه فلا شيء عليه ، وإن مر ببيته فنزل فعليه إرساله ، وقال  مالك  في ( الموطأ ) : من أحرم وعنده صيد  لا بأس بجعله عند أهله ، وظاهره أنه يجعله بعد إحرامه ، وإن أحرم وعنده صيد لغيره  رده إلى ربه إن كان حاضرا ، فإن كان ربه محرما ، قال  ابن حبيب     : يرسله ربه فإن كان ربه غائبا ، قال  مالك     : إن أرسله ضمنه بل يودعه حلالا إن وجده ، وإلا بقي في صحبته للضرورة فإن مات في يده ضمنه ; لأن المحرم يضمن الصيد باليد ، ولا يجوز له أن يأخذ صيدا وديعة فإن فعل رده ، فإن غاب ربه ولم يوجد من يودعه عنده أطلقه وضمنه ; لأن الإطلاق بسبب وصفه هو فهو كالمعتدي ، ولو وجد ربه حراما فامتنع من أخذه أرسله بحضرته ، ولا ضمان لامتناع ربه منه . 
الحادي عشر : في ( الكتاب ) : إذا طرح المحرم عن نفسه الحلمة والقراد والحمنان والبرغوث أو العلقة عن دابته ، أو دابة غيره  فلا شيء عليه ، وإن طرح الحمنان أو الحلم أو القراد عن بعيره فليطعم ; لأنها من الدواب التي لا تعيش إلا في الدواب . 
والهوام ضربان : ما لا يختص بالأجسام كالدود والنمل فلا شيء في طرحه ; لإمكان حياته بعد الطرح ، وإن قتله افتدى وما يختص : لا يجوز طرحه عن الجسم   [ ص: 328 ] الذي شأنه أن يكون فيه لتعريضه للهلاك ، والحلم والقراد لا يختص بالآدمي والبرغوث ينشأ من التراب ، والحلم يسمى صغيرا قمقاما ، فإن زاد فحمنان ، فإن ولد فقراد فإن تناهى فحلم ، وجوز ( ش ) و ( ح ) تقريد الدابة لما في ( الموطأ ) أن   عمر بن الخطاب     - رضي الله عنه - كان يقرد بعيره   . لنا : أن   ابن عمر     - رضي الله عنهما - كان يكره ذلك وعموم آية الصيد ، ويحمل فعله على الضرورة وقياسا على القمل ، قال : وإن غسل رأسه بالخطمي  افتدى ، وله فعل ذلك إذا حل له الحلاق وهو الأشنان ، وقاله ( ش ) ، وجوزه ( ح )   وابن حنبل  مطلقا من غير فدية ، قياسا على الغسل بالماء ، والفرق أنه يزيل الشعث ويقتل الهوام ، وإذا أجنب صب على رأسه الماء وحركه بيده ، ويجوز صب الماء على الرأس للحر وزوال العرق ، ويكره غمس الرأس في الماء ; لأنه يقتل الدواب فإن فعل أطعم شيئا ، وإن دخل الحمام وتدلك افتدى ، ويكره له غسل ثوبه وثوب غيره خشية قتل الدواب إلا أن تصيبه جنابة فبالماء وحده . قال  سند     : قال  ابن حبيب     : يدخل الحمام للتدفي ، ولا خلاف في تطهير جسده من الجنابة ، ويجوز إزالة العرق المنتن ، قال  ابن القاسم     : وإن اغتسل للجنابة فقتل قملا في رأسه  فلا شيء عليه وعليه الفدية في التبريد ، وله طرح ثوبه عنه إن لم يكن فيه هوام فإن كان فيه أجاز  مالك  طرحه ، ورأى   سحنون     : الإطعام ،  لمالك     : أن القمل كان في الثوب وبقي فيه ، فلو كان على جسده فألقاه في الثوب حين نزعه كان هلاكا له ، وإبقاؤه في الثوب كرحيله من البيت فيموت بقه . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					