الفصل الثالث : في حكمه 
وفي الكتاب : لم يبلغني عن أحد من السلف أنه اعتكف إلا  أبا بكر بن   [ ص: 542 ] عبد الرحمن     - وليس بحرام ، وإنما تركوه لشدته لاستواء ليله ونهاره ، قال  سند     : قال  مالك  في المجموعة : تركوه ; لأنه مكروه في حقهم ; لأنه كالوصال المنهي عنه . 
وفي الكتاب ، قال  ابن القاسم     : بلغني عن  مالك  أنه قال : الاعتكاف يوم وليلة  ، فسألته فأنكره ، وقال : أقله عشرة أيام وبه أقول ، قال  سند     : ظاهر قوله أن أقل من العشرة لا يكون مشروعا ، ويحتمل أن يريد أن ذلك الأحسن ، والعشرة هي عادته - صلى الله عليه وسلم - ولا ينبغي مجاوزتها للسنة - وإن كان في  أبي داود  أنه - صلى الله عليه وسلم - اعتكف العام الذي قبض فيه عشرين يوما   . وقال  ابن القاسم  في العتبية : لا بأس باليوم واليومين ، وفي الجلاب : أقله يوم والاختيار عشرة . 
وفي الكتاب : من اعتكف أواخر رمضان دخل غروب الشمس ولا يرجع إلى أهله حتى يشهد العيد ; لأنه مروي عنه - صلى الله عليه وسلم - ، وعن   أبي بكر بن عبد الرحمن     : وإن اعتكف وسطه رجع إليهم آخر أيام الاعتكاف ، وقال  ابن يونس     : فإن خرج ليلة الفطر أو فعل فيها ما يبطل الاعتكاف ، بطل اعتكافه ; لاتصالها به كركعتي الطواف بالطواف - وقاله  عبد الملك  ، وقال   سحنون     : هذا خلاف قول  ابن القاسم  بل ذلك مستحب . 
قال  سند     : الدخول من الغروب  لمالك  و ( ش ) و ( ح ) خلافا  لابن حنبل     ; لأن الليلة أول اليوم ، فيدخل قبل الغروب ليتمكن من جملة الليلة ، فإن لم يدخل إلى الفجر ، قال  عبد الوهاب     : أجزأه عند  مالك  وأصحابه وإن كان نذرا ; لأن الصوم إنما يكون بالنهار ، وقال  عبد الملك     : لا يحتسب به ويستأنف عشرة بعده ; لاستواء الليل والنهار في الاعتكاف . وفي الجلاب : إذا كان يوم الفطر في اعتكافه خرج يوم الفطر إلى أهله وعليه حرمة الاعتكاف وعاد قبل الغروب ، وقال  عبد الملك     : لا يخرج ويكون يومه كليل أيام الاعتكاف . 
وفي الكتاب : لا يعتكف أهل الثغور إلا مع الأمن    ; لأن حفظ المسلمين   [ ص: 543 ] أولى ، فإن اعتكف ونزل خوف خرج ، فإن أمن ابتدأ ، ثم رجع إلا أنه يبني كالمريض . 
والجوار كالاعتكاف ، إلا من جاور نهارا بمكة  دون الليل فلا يلزمه الصوم ، ولا يلزم بالدخول والنية إلا اليوم الأول ، والجوار بمكة  وسائر المساجد قربة تلزم بالنذر ، قال  سند     : يريد أن من قال : لله علي أن أجاور ليلا ونهارا عدة أيام ، فهو اعتكاف بلفظ الجوار ، ولو نوى جوار يوم كان له الترك بعد الدخول فيه ; لأن جواره عبادة وليس فيه صوم . 
وفي الكتاب : إذا طلقت أو توفي عنها زوجها وهي معتكفة  أتمت اعتكافها ، وقال ( ش ) : تخرج ليلتها . لنا أنها عبادة سبقت فلا تقطع بالعدة كالحج والعمرة ، قال  سند     : فإن خرجت بطل اعتكافها ، وإن تقدمت العدة وتركت بيتها واعتكفت ، صح اعتكافها كالصلاة في الدار المغصوبة ، ومن أبطل الاعتكاف بكل ذنب أبطله هاهنا ، ولو اعتكفت فحاضت فخرجت وطلقت قبل الرجوع  ، روى  ابن القاسم     : ترجع فتعتد في المسجد لتقدم حق العبادة . 
وفي الكتاب : يجب الاعتكاف بدخول المعتكف المعتكف  بنية فيلزمه المنوي من الأيام خلافا ل ( ش ) ، أو بالنذر ; لأنه أشبه الحج والعمرة من جهة تحريم المباشرة واشتراط المسجد واللبث في مكان مخصوص ; فيجب بالشروع قياسا عليها ، ولأن الاعتكاف معناه لغة الملازمة ، واللازم هو الذي لا يفارق ، فمن نوى الاعتكاف فقد نوى ما لا يجوز تفريقه فيكون متتابعا وهو المطلوب ، قال  ابن يونس     : فإن تركه قبل الدخول وبعد النية جاز ، قال   ابن الماجشون     : فإن نوى عدة منقطعة ، لم يلزمه إلا الذي شرع فيه . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					