الشرط الثالث : الاقتصار على العبادة اللائقة بالاعتكاف ، قال صاحب المقدمات : مذهب  ابن القاسم  الاقتصار على الصلاة وقراءة القرآن والذكر ، ومذهب  ابن وهب  جملة الأعمال المختصة بالآخرة كمدارسة العلم وعيادة المرضى وصلاة الجنازة إذا انتهى إليها الزحام ، بخلاف الحكم بين الناس والإصلاح بينهم . 
سؤال : منعه في الكتاب من الجنازة وجوز للمتنفل في الصلاة الرد على المؤذن . كلاهما أدخل في العبادة ما ليس منها . 
جوابه : أن المسجد لم يوضع للجنازة ، والصلاة وضعت للذكر ، والرد على المؤذن ذكر ، وفي الكتاب : لا يصلي على الجنازة وإن انتهى إليه المصلون ، ولا يعود مريضا في المسجد ، ولا يعزي ، ولا يهنئ ، ولا يعقد نكاحا في المسجد إلا أن يغشاه في مجلسه ; لحديث عائشة    - رضي الله عنها - المتقدم ; ولأن الاعتكاف يقتضي عبادة مخصوصة ، فلا يدخل فيه غيرها قياسا على الصلاة ، وله أن يأمر بمصلحته ومصلحة أهله ، ويبيع ماله إذا كان خفيفا ، ويكره خروجه لحاجة الإنسان في بيته سدا للذريعة ، ويتخذ موضعا بقربه . 
وفي الجواهر : إذا خرج لما يتعين عليه من جهاد أو حق أو دين أو إكراه   [ ص: 540 ] ففي بطلان اعتكافه قولان  ، قال  سند     : فإن خرج للجنازة أو عيادة مريض بطل اعتكافه ، وإن صلى عليها في المسجد كره ولا يبطل ، كما لو دعا لأحد أو تحدث معه ، فإن مات معه أحد في المسجد وليس معه من يجهزه تعين عليه الخروج ، ويتخرج بطلان اعتكافه على من نزل عليه العدو فخرج للجهاد ، رجع  مالك  إلى أنه يبني بعد قوله يبتدئ . 
قال  مالك     : ويجوز ذهاب بعض المعتكفين إلى بعض للعشاء ونحوه ، ويشتري له طعامه إذا اشترى طعام نفسه ، وإذا منعنا عيادة المرضى فمرض أحد أبويه ، قال  ابن القاسم     : يخرج لعيادته لوجوب بره ويبتدئ اعتكافه ، قال  مالك     : ولا يخرج مع جنازته ، والفرق أن عدم العيادة يسخطهما بخلاف التشييع . 
وفي الكتاب : له أن يتزوج ويتطيب بخلاف الحج ، والفرق بينهما [ في العقد ] من وجوه : 
أحدهما : طول زمان الحج فيخشى من العقد الوطء . 
الثاني : أن إفساده أعظم حرجا . 
الثالث : أنه منع في الحج من الطيب والنظافة والزينة ، فمنع من العقد لفرط التشديد بخلاف الاعتكاف . 
وفي الكتاب : لا يجلس مجالس العلم ولا يكتب ، قال  ابن نافع     : إلا الشيء الخفيف ; لأنها عبادة شرع لها المسجد ، فلا يشرع فيها كالصلاة والطواف . 
وفي الكتاب : لا يأخذ من شعره وأظفاره  ، وإن جمعه ألقاه لحرمة المسجد . قال  سند     : فإن فعل لا يبطل اعتكافه ، فإن كان له حاجز عن الناس فقد خفف له  ابن حبيب  في ذلك ، ويجوز أن يخرج يده أو رأسه من المسجد لذلك . 
وإذا خرج لغسل الجمعة ، فله في بيته نتف الإبط ، وتقليم الأظفار ، وحلق العانة   [ ص: 541 ] للجمعة ، ولا تجوز له الحجامة  ، والفصادة ، والبول ، والغائط في المسجد ، فإن فعل يختلف في بطلان اعتكافه نظرا لكونه كبيرة أم لا . 
ويكره له السواك من أجل ما يلقيه من فيه في المسجد ، وكره  مالك  للمؤذن إقامة الصلاة ; لأنها غير فعل الاعتكاف . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					