الفصل الثالث : في الكفن 
قال  اللخمي     : الكفن والدفن واجبان  قولا واحدا ، والخلاف في الغسل والصلاة ، وفي الجواهر : المستحب فيه البياض ; لما في  الترمذي     : قال - عليه السلام - : " البسوا من ثيابكم البياض ; فإنها من خير ثيابكم ، وكفنوا فيها موتاكم   " ، وفي المعصفر خلاف  لمالك  ، وكرهه في الكتاب ، وأما جنسه   [ ص: 454 ] فكل ما يجوز لبسه للحي ، ومنع في الكتاب : الحرير للرجال والنساء  ، قال في المختصر : إلا أن يضطر إليه ; لأنه إنما أبيح للنساء حالة الحياة للتجمل - وقد ذهب ، وروي جوازه للرجال والنساء ; لأن المنع كان للكبرياء وقد بطل ، وجوزه  ابن حبيب  للنساء دون حاجة كحالة الحياة ، وكره في الكتاب : الخز ; لأن سداه حرير . وأما عدده ; فأقله ثوب ساتر لجميع الجسد ، والثلاثة حق للميت في التركة يجبر عليها الورثة والغرماء ، وتنفذ وصيته بإسقاطها لأنها حقه ، وقال   سحنون     : إذا أوصى بإسقاطها فزاد بعض الورثة ثانيا فلا ضمان عليه ، وليس للغرماء والورثة منعه وإن استغرق الدين ماله ، قال  أبو الطاهر     : وهذا يشعر بأن الواحد منهي عنه ، وفي  مسلم  كفن - عليه السلام - في ثلاثة أثواب بيض سحولية من كرسف ليس فيها قميص ولا عمامة ، والكرسف القطن ، والزيادة إلى الخمسة مستحبة للرجال ، وللنساء آكد ، وإلى السبعة مباحة ، وما زاد فسرف ; فلو أوصى بسرف في العدد أو الجنس أو الحنوط أو غيره كان السداد من رأس المال ، وفي كون الزيادة تلزم من الثلث أو تسقط روايتان ، والخمسة : عمامة ، وقميص ، ومئزر ، ولفافتان سابغتان . وللمرأة : إزار ، وخمار ، ودرع ، ولفافتان ، ويستحب الشد على المئزر بعصائب من حقويها إلى ركبتيها ، قال  المازري     : واستحب  مالك  في الصغير الوتر ، وقال   سحنون     : يلف بخرقة ، وكره  مالك  وابن القاسم  و ( ش ) القميص ; لأنه - عليه السلام - لم يكفن فيه ، واستحبه ( ح )  وابن القاسم  أيضا ; لأنه روي في الحديث . وفي الجواهر : الثلاثة كلها لفائف قاله  ابن القاسم  ، وقال بعض المتأخرين : يجيء على قول  مالك  قميص وعمامة ولفافة ، والمرأة كالرجل ، ثم يذر   [ ص: 455 ] على اللفافة حنوط ، ويوضع الميت عليه ، ويجعل قطن عليه كافور على المنافذ ، ثم يلف الكفن عليه بعد أن يبخر بالعود ، ويشد من عند رأسه ورجليه ، وقيل : يخاط ثم يحل ذلك عند الدفن ، قال  المازري     : مواضع الحنوط  خمسة : ظاهر الجسد ، وبين الأكفان ، وعلى مساجده السبع : الجبهة ، والأنف ، والركبتين ، وأطراف أصابع الرجلين ، والمنافذ بين الفخذين والعينين والأذنين والمنخرين ، والمغابن - وهو مجتمع الوسخ كالإبطين ومراجع الركبتين ; فإن ضاق الطيب فالبداية عند  ابن القاسم  بالمساجد السبع ، وفي الجواهر : لو سرق كفنه بعد دفنه  ، قال  ابن القاسم     : على ورثته تكفينه لبقاء الحاجة - وإن أحاط الدين بالتركة ; وقال  أصبغ     : لا يلزمهم لاستقرار حقهم بعد دفع حقه ، وقال   سحنون     : إن قسمت التركة فلا ، وإن أوصى بثلثه فلا يكفن من ثلث ولا غيره ، إلا أن يكون بقرب دفنه ولم يقسم المال ، ومن لا مال له كفن من بيت المال ، وكفنه على طائفة المسلمين ، كسد خلته في حياته ، وأوجب  ابن القاسم  الكفن على من تجب عليه النفقة في الحياة كالعبد مع السيد ، والولد مع أبيه ، والأب معه طردا للأسباب الموجبة للنفقات ، ونفاه  أصبغ     ; لانتفاء المنافع لاقتضاء تلك الأسباب النفقات ، واستحبه   سحنون  للولد على الوالد دون الوالد ; لأن النفقة للولد متأصلة ، وللوالد عارضة . قال  مالك     : وهو على الزوج لزوجته إن كانت معسرة ، وإلا فلا . وروي عنه يقضى عليه به مطلقا ، ونفاه  ابن القاسم  مطلقا ، وفي الجلاب من كفنه رهن ; فالمرتهن أحق به ; لتقدم حقه حالة الحياة ، ولا يكفن في نجس  إلا أن تتعذر إزالة النجاسة عنه ، قال  المازري     : ينقطع الإحرام بالموت عند  مالك  و ( ح ) ، خلافا ( ش ) فيعطى رأس المحرم ويطيب ; لقوله - عليه السلام - : " إذا مات ابن   [ ص: 456 ] آدم انقطع عمله إلا من ثلاث   " . ولأنه لو بقي ، لطيف به وكملت مناسكه عملا بالموجب ، وليس كذلك ، حجته ما في  مسلم     : أن رجلا وقصته راحلته ، وهو محرم فمات ، فقال - عليه السلام - : " اغسلوه بماء وسدر ، وكفنوه في ثوبيه ، ولا تخمروا وجهه ولا رأسه ; فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا " - ومن طريق : " ولا تمسوه بطيب " ، وقياسا على الأعيان ، والجواب عن الأول : أنه ليس عاما بلفظه ; لأنه في شخص ، ولا بمعناه ; لأنه لم يقل : يبعث يوم القيامة ملبيا ; لأنه محرم فيكون من باب ترتيب الحكم على الوصف فيعم ; فلا يتعدى حكمه لغيره إلا بدليل ، وهو - عليه السلام - يطلع من خواص الخلق على ما لم يعلمه ; فيختص حكمه به . وعن الثاني لو صح القياس لكملت المناسك ، وإلا فلا . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					