[ ص: 123 ] الجناية الخامسة 
الحرابة والنظر في صفة المحاربين ، وفي أحكامهم 
النظر الأول : في صفتهم 
وفي الجواهر : المشتهر بالسلاح ، لقصد السلب محارب  ، كان في مصر أو قفر ، له شوكة أم لا ، ذكرا أو أنثى . ولا تتعين آلة مخصوصة ، حبل ، أو حجر ، أو خنق باليد ، أو بالفم ، وغير ذلك ، وهو محارب وإن لم يقتل ، وكل من قطع الطريق وأخاف السبيل ، فهو محارب ، أو حمل السلاح بغير عداوة ولا فائدة وكذلك قتل الغيلة  ، بأن يخدع رجلا ، أو مشى حتى يدخله موضعا ، فيأخذ ما معه ، وإن دخل دارا بالليل ، فأخذ مالا مكابرة ، ومع الاستغاثة ، فهو محارب . والخناق وساقي السم لأخذ المال محارب . وكل من قتل أحدا على ما معه ، فهو محارب ، فعل ذلك بحر أو عبد ، مسلم أو ذمي . وفي الكتاب : إذا قطع أهل الذمة الطريق إلى مدينتهم التي خرجوا منها  ، فهم محاربون ، وإن خرجوا تجارا إلى أرض الحرب ، فقطع بعضهم الطريق على بعض ببلد الحرب ، أو قطعوها على أهل ذمة ، دخلوا إلى أرض الحرب بأمان ، فهم محاربون . ومن دخل عليك دارك ليأخذ مالك ، فهو محارب . 
تمهيد في التنبيهات : أخذ المال حراما عشرة أضرب : حرابة إن أخذه بمكابرة ، ومدافعة ، وغيلة : أخذه بعد قتل صاحبه بحيلة مهلكة ; ليأخذ ماله من إلقائه في مهواة أو نحوه ، وغصب ، وهو أخذ ذوي القدرة والسلطان ممن لا قدرة   [ ص: 124 ] له على دفعه وقهره ، وهو نحو الغصب ، وخيانة : أخذه من الودائع ونحوها ، وسرقة : أخذه من غير أمانة على الإخفاء من حرزه ، واختلاسا ( وهو أخذ السارق وأهله يعلمون ) وخديعة : بأن يأخذه باختيارك ، وإيهام وتعد ، كالمستأجر يتجاوز المسافة والمقدار المستأجر عليه ، وجحد في الديون ونحوها . واسم الغصب يطلق على ذلك كله في اللغة ، ولكل واحد منها حكم في الشرع على حياله . وفي الموازية : إن سقى السكران إنما يكون محاربة إذا كان ما سقاه يموت منه . قال  ابن يونس  في العتبية : إذا لقيه عند العتمة في المسجد أو خلوة ، فنشر ثوبه ونزعه منه  ، لا قطع عليه إلا أن يكون محاربا ; لأنه مختلس ، ولا قطع على مختلس . قال  اللخمي     : قال  أصبغ     : إذا قعد اللصوص بقوم فعلم بهم الإمام ، فأخذهم قبل أن يعلم بهم من قعدوا له ، ولم يتقدم منهم تلصص ، فليسوا محاربين ، فإن علموا بهم ، فامتنعوا من تلك الطريق ; خوفا منهم ، فهم حينئذ قطاع الطريق ، يجري فيهم حكم المحاربين ، وإن أخذوا المال بالقوة بغير سلاح ، ولا يخشى منهم قتال  ، أو منعوهم فهم غصاب غير محاربين ، إلا أن يكون تقدم منهم خوف ، وإن أخذوا بالقهر ، ثم قتلوا ; خوف أن يطلبوا ، ليسوا بمحاربين ، بل مغتالون ، وإن سأله طعاما فأبى ، فكتفه ونزع منه الطعام وثوبه . قال  مالك     : محارب ، وهو ممن يضرب وينفى . والمحارب في المدينة محارب عند  ابن القاسم     ; لصدق الاسم دون  عبد الملك  ، فإنها إنما يكون فيها الغصب ، وكذلك القرية إلا أن يكونوا جماعة يريدون القرية كلها عنادا وإعلانا ، فهم محاربون . ولو علم بالسارق بعد أخذ المال سرا ، فقاتل حتى نجا به ، فهو سارق ، ولا قتاله ليدفع عن نفغيسه ، وإن علم به قبل أخذه فقاتل حتى أخذه فهو محارب عند مالك دون  عبد الملك     . 
 [ ص: 125 ] فرع : 
في النوادر : من سماع  ابن القاسم     : إن قطع الطريق لا لطلب مال ، ولا عداوة ، ولا نابده ، ولا بدين  ، قال : أمنع هؤلاء يمشون إلى مكة  أو الشام  ، فهو محارب ; لأنه قطع الطريق وأخاف السبيل . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					