الطرف الثاني : الرجم . في التنبيهات : للرجم عشرة شروط    : البلوغ ، والعقل ، والإسلام ، وعدم الشبهة ، ومغيب الحشفة في قبل أو دبر بين آدميين غير مكرهين ، ولا جاهلين ، والإحصان ، والحرية ، وفي الكتاب : لم يعرف  مالك  أن البينة تبدأ بالرجم ، ثم الناس ، وفي الإقرار والحمل يبدأ الإمام ، بل يأمر كسائر الحدود ، ولا يربط المرجوم  ، ولا يحفر له ولا للمرأة    ; لما في الحديث : ( رأيت الرجل يحني على المرأة يقيها الحجارة   ) ، ولو كان في حفرة ما حنى عليها . قال  ابن يونس     : يرمى بالحجارة التي يرمى  بمثلها دون الصخور ، ويرمى حتى يموت ، ومنع الحفرة لازم ; لأن  ماعزا  هرب من الحجارة ، ولو كان في حفرة ما فر ، ولأن المطلوب نيل الحجارة جميع الجسد . قال الشيخ  أبو إسحاق     : يرمى بأكبر حجر يقدر الرامي على حمله    . ( قاله في الجواهر ) ، قال  اللخمي     : تجتنب الصخور ; لأنها تشوه ، والصفا ; لأنها تطول ، ولا تختص بالظهر بل مقابل الظهر وغيره ، ومن السرة إلى فوق ، ويجتنب الوجه للشرف ، والرجلين واليدين للتعذيب من غير مقتل ، ويجرد أعلى الرجل دون المرأة    ; لأنها عورة . وفي الموازية : يحفر له ولها    . قال  أشهب     : إن حفر له خليت له يداه  ، وكذلك المحارب إذا صلب ترسل يداه ، وقيل :   [ ص: 77 ] يحفر للمشهود عليه دون المقر ; لأنه إن تهرب ترك ، وقد حفر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للغامدية دون  ماعز  إلى صدرها ، وأمر البينة بالتبدئة أحسن ; لأنه يؤدي للتثبيت في الشهادة ، و يعذر الإمام في الإقرار عند  عبد الملك   وسحنون     ; لأنه إذا رجع أخذه بعلمه عندهم ، وعند  مالك     : إذا رجع لا يؤخذ إلا بالبينة ( شهادة اثنين أو أربعة على الخلاف ) . ويستحب بداية الإمام في الحمل ، لأنها مسألة خلاف إن ادعت أنه بشبهة ولم تصدق . 
فرع : 
في الكتاب : يغسل المرجوم ، ويكفن ، ويصلى عليه  عند الإمام ، ويدفن ; لأنه مسلم ، وينزجر الجناة بعدم صلاة الأئمة . 
فرع : 
قال : إذا رجع أحد الأربعة الشهود قبل الحد ، أو وجد عبدا أو مسخوطا  حدوا حد القذف ; لعدم ثبوت قولهم ، فإن رجع جميعهم بعد الرجم  حدوهم بإقرارهم بالقذف ، والدية في أموالهم ; لأنهم سبب قتله ، أو رجع واحد حد وحده ، وإن علم بعد الحد أن أحدهم عبد  ، حدوا ، أو مسخوط ، لم يحد وإلا شهادتهم تمت باجتهاد الإمام في عدالتهم ، بخلاف العبد ، فإنه من خطأ الإمام ، وإن لم يعلم الشهود ، فالدية على عاقلة الإمام لتفريطه ، أو علموا فعلى الشهود في أموالهم ; لأنه في معنى العمد ، فلا تحمله العاقلة ، ولا شيء على العبد في الوجهين ، وما أخطأ به الإمام من حد الله فبلغ ثلث الدية فأكثر  ، فعلى عاقلته ، أو دون الثلث   [ ص: 78 ] ففي ماله ، وإن وجد بعد الرجم مجبوبا ، لم يحد الشهود    ; لأنه لا يحد قاذف المجبوب ، وعليهم الدية في مالهم ، والأدب وطول السجن . من النكت : إن رجع أحد خمسة فأكثر ، لا شيء على الراجع لثبوت الحد بالنصاب ، فإن رجع أحد الأربعة غرم هو والأول ربع الدية بينهما نصفين ، فإن رجع قبل أحد الأربعة جماعة ، فذلك بينهم بالسواء مع الرابع ، فإن رجع آخر فعليه وعلى من رجع قبله نصف الدية بينهم بالسواء ، وعلى هذا ، وعن  ابن القاسم     : أن على الرابع الزائد على الأربعة : الحد ; لإقراره أن الشاهدين معه مبطلون قذفه ، وإنما لا يحد قاذف المجبوب إذا جب قبل الاحتلام  ، وكذلك الشهود ; لأنهم يقولون : رأيناه يزني قبل جبه ، ولو قالوا : بعد جبه ، لم يحدوا ; لأنه هذيان ، فيفترق الحال فيهم ، وقيل : المسألتان سواء ، وليس بصحيح . قال  ابن يونس     : إن قالت البينة : تعمدنا شهادة الزور حتى قتل  ، لا يقتلون . ( قال  ابن القاسم     ) لأن غيرهم المباشر ، وكذلك القطع والقصاص ، وعن  الحسن بن إبراهيم     : يقتلون ، وإن علم بعد الحد أن أحدهم نصراني ، أو أعمى ، أو ولد زنا  ، حد الشهود أجمع : الأحرار والنصراني ثمانون ، والعبد أربعون ، وإن وجد أحدهما بعد القصاص في اليد عبدا ، أو ممن لا تجوز شهادته لم يكن على متولي القطع شيء ; لأنه من خطأ الإمام ، فإن ظهر قبل رجم المرأة أن أحدهم زوجها  ، جلد الثلاثة ، ولاعن الزوج ، فإن لم يلتعن جلد ; لأن الزوج خصم لا تقبل شهادته ، فإن علم ذلك بعد رجمها ، لاعن الزوج ، فإن نكل حد دون الثلاثة ، لاعن أم لا ، إلا أن يعلم أنه تعمد الزور ، ليقتلها ، وهو يعلم أن شهادتهم كذب ، فلا يرث ، ويحد ، ويصدق أنه لم يتعمد الزور ، وإنما لم تحد البينة ، لاعن أم لا ; لأن الشهادة قد تمت ، والزوج كالمسخوط ، وكالراجع منهم بعد الرجم . وعن  أصبغ     : إن التعن بعد الرجم لم يحدوا ، وإلا حدوا ، والأولى  لابن القاسم  ، قال  ابن القاسم     : وليس على الزوج   [ ص: 79 ] من ديتها شيء ، ولا على الشهود ولا على الإمام ; لأنه ليس بخطأ صراح ، وإن قذفها أحد بعد زنا الزوج ، حد ، ولا ينتظر ملاعنة الزوج . قال  محمد     : ترجم بذلك إن لم تدفعه باللعان ، وإن قذفها بعد موتها  لم يحد ; لأن لعان الزوج واجب ذلك عليها ، ولم يخرج منه ، قال  اللخمي     : إن رجعت البينة قبل الحد وبعد الحكم  ، فثلاثة أقوال : قال  ابن القاسم     : يقام الحد ويغرمون الدية في أموالهم ; لأن الحكم لا ينقض ، وهو في معنى العمد ، وعنه : لا يرجم لحرمة القتل ، وكذلك القطع ، وعن  أشهب  القولان ، وعنه : يقتصر على أدنى الحدين ، فيضرب ، ويغرب ، ولا يقطع في سرقة ولا قصاص ، ويغرم العقل في القصاص ; لأن الرجوع شبهة ، ولأن العاقلة لا تحمل الاعتراف . وإن رجعوا بعد الجلد والتغريب ، واعترفوا بالعمد ، فيختلف : هل يضرب كل واحد خمسة وعشرين على القول بالقصاص في الرجم ، أم على القول الآخر ، ويزاد في عقوبتهم التغريب ، إلا أن يرجعوا قبل أن يغرب ، ويضرب كل واحد القذف ثمانين للقذف ، لأنهما حقان ، ورجوع أحدهم يجري على الخلاف المتقدم . قال  ابن القاسم     : إن رجع بعد الحد جلد وحده دون الثلاثة ، وإليه رجع عن جلد جميعهم ، وقيل في ظهور عبد معهم : لا شيء على الحاكم وعلى الشهود إذا لم يعلموا أنه عبد أو ذمي ، أو علموا وجهلوا رد شهادة العبد ، قال : وإن علم العبد وحده أن شهادته لا تجوز ، فهي جناية في رقبته ، وإن علموا ذلك كلهم ، فالدية عليهم أرباعا ; لاشتراكهم في تعمد الجناية ، وقال  أبو مصعب  ، وإن وجد مجبوبا  ، فالدية على عاقلة الإمام ، ( قاله  أشهب     ) ، وإن قال : زنيت وأنت مجبوب  ، حد عند  ابن القاسم     ; لأنه يستتر بقوله : وأنت مجبوب ، كقوله : زنيت وأنت نصرانية أو وأنت صغيرة . 
 [ ص: 80 ] فرع : 
في الكتاب : إن أقر القاضي بتعمد القتل أو القطع أو غيره ، أقيد منه . 
فرع : 
في النكت : لا تمهل المرأة حتى تستبرأ  حتى يكون حملا ظاهرا ، فحينئذ يؤخر الرجم إلا أن يكون لها زوج مرسل عليها فتستبرأ ; لأن طالب النطفة قائم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					