الفصل الثاني : في حكمها    . 
في الجواهر : قال القاضيان  ابن القصار  ،  وعبد الوهاب     : المذهب كله على وجوب الإزالة ، وإنما الخلاف في إعادة من صلى بها بناء على كونها شرطا ، في   [ ص: 194 ] الصلاة أم لا ، وقال  المازري     : وقع الاتفاق على تأثيم المصلي بها ، ومعنى قول بعض العلماء إنها سنة : أن حكمها علم بالسنة . 
وقال القاضي أيضا في شرح الرسالة ، وجماعة : هي سنة ، والخلاف في إعادة من صلى بها مبني على الخلاف فيمن ترك السنن متعمدا . 
واللخمي  وغيره من المتأخرين المغاربة يقولون : في المذهب ثلاثة أقوال : الوجوب ، وهو رواية  ابن وهب  لإلزامه الإعادة بعد الوقت ناسيا ، أو عامدا . 
والاستحباب  لأشهب  لاستحبابه الإعادة في الوقت عامدا ، أو ناسيا ، والوجوب مع الذكر والقدرة دون النسيان والعجز ، وهو ظاهر الكتاب لإيجابه الإعادة على غير المعذور بعد الوقت ، وأمر المعذور بالإعادة في الوقت . 
فروع أربعة من الطراز : 
الأول : إذا ذكر النجاسة وهو في الصلاة قطع صلاته ، أمكنه طرحه أو لم يمكن على ظاهر الكتاب ، وقيل : لا يقطع إذا طرح ما عليه لتوه لأنه صلى الله عليه وسلم خلع نعله ، ولم يعد ، وقيل : لا يقطع في الحالين إما لأن إزالة النجاسة أخف ، أو قياسا على الرعاف ، والفرق أن التحرز من النجاسة ممكن بخلاف الرعاف .
زاد  ابن الجلاب  في هذا الفرع إن لم يمكنه طرحه قال  عبد الملك  يمضي على صلاته ، ويعيدها في الوقت ، فإن لم يذكر ذلك حتى فرغ أعاد في الوقت استحبابا ، فإن تعمد خروج الوقت فلا إعادة عليه عند  ابن القاسم  ، وقال  محمد  وعبد الملك     : يعيد بعد الوقت . 
فرع : مرتب : إذا قلنا يقطع ، وقد بقي من الوقت ما لا يسع بعد إزالة النجاسة ركعة ، فيتخرج على الخلاف فيمن إذا تشاغل برفع الماء من البئر حتى خرج الوقت ، وهذا أولى بالتمادي لأن الصلاة بالنجاسة أخف من الصلاة بالحدث لوجوب رفعه إجماعا . 
 [ ص: 195 ] الثاني : إن قلنا بالقطع ، فنسي بعد رؤيتها ، وأتم الصلاة قال  ابن حبيب     : يعيد وإن ذهب الوقت لبطلان صلاته برؤيته ، وهذا ظاهر على القول بأنه يقطع ، وإن قلنا بأنه ينزع ، ولا يقطع ، فالصلاة صحيحة . 
ولو كان ذاهبا قبل الصلاة ، ونسيها : ففي الجواهر : قال القاضي  أبو بكر     : عن بعض العلماء إن عليه الإعادة ، وإنه مفرط ، واستضعفه بناء على اختصاص الوجوب بوقت الصلاة . 
الثالث : إذا كانت النجاسة تحت قدميه ، فرآها ، فتحول عنها خرجت على الخلاف في الثوب إذا أمكنه طرحه ، وإن كانت حول رجليه ، فلا شيء عليه . 
الرابع : قال  أبو العباس الإيباني     : إذا كان أسفل نعله نجاسة ، فنزعه ، ووقف عليه جاز كظهر حصير . 
الخامس : من البيان قال  مالك     : إذا علم في ثوب إمامه نجاسة  إن أمكنه إعلامه ، فليفعل ، وإن لم يمكنه ، وصلى أعاد في الوقت قال  يحيى بن يحيى     : الإعادة في الوقت ، وبعده أحب إلي ، وإنما خصصها  مالك  بالوقت مراعاة لقول من يقول : كل مصل يصلي لنفسه ، وكذلك من علم أن الإمام غير متوضئ ، فليعلمه بذلك ، وليستأنف عند   سحنون  ، والذي يأتي على مذهب  ابن القاسم     : أن الكلام لإصلاح الصلاة لا يبطل البناء ، وعدم الاستئناف ، وقيل في المتلبس إن أمكنه إعلامه بقراءة آية المدثر ، أو آية الوضوء فعل ، وتمادى على صلاته مع مستخلف الإمام ، وهو قول   الأوزاعي ،  وقال  يحيى بن يحيى   وسحنون     : له أن يخرق الصفوف ، ويعلمه ، ولا يستدبر القبلة . 
وبقية أحكام النجاسة تأتي في شروط الصلاة . 
حجة الوجوب قوله تعالى : ( وثيابك فطهر    ) . وقوله عليه السلام في الصحيح في صاحبي القبر : إن هذين ليعذبان ، وما يعذبان بكبير كان أحدهما   [ ص: 196 ] يمشي بالنميمة ، والآخر لا يستبرئ من البول   . ومن سنن   الدارقطني  عنه عليه السلام : استبرئوا من البول ، فإن عامة عذاب القبر منه . ولأن البول تتعلق به طهارة حدث ، وطهارة خبث ، والأولى واجبة إجماعا ، فيكون الآخر كذلك عملا باتحاد السبب . 
حجة الندب : ما في الصحيح أنه عليه السلام خلع نعله ، فخلع الصحابة رضوان الله عليهم نعالهم ، فلما سلم قال : ما بالكم خلعتم نعالكم ؟ قالوا : رأيناك خلعت ، فخلعنا قال عليه السلام : إن جبريل  أخبرني أن فيها قذرا ، ويرى أذى ، ولم يعد صلاته ، ولا أبطل ما مضى منها . 
وفي الموطأ : أنه عليه السلام كان يصلي ، وهو يحمل  أمامة بنت زينب  ابنته رضي الله عنها ، فإذا سجد وضعها ، وإذا قام حملها ، والغالب على ثياب الصبيان النجاسة   . 
وقد ألقت قريش  على ظهره عليه السلام سلى جزور بدمها ، ولم يقطع صلاته ، ولا نقل أنه أعادها . 
ولما تعارضت المآخذ كان النسيان مسقطا للوجوب لضعف مأخذه على المشهور . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					