[ ص: 194 ]    2 - ومن باب الأذان في  الرجل يؤذن ويقيم غيره   
حديث   عبد الله بن زيد  في الأذان - حجة من ذهب إلى من أذن فهو يقيم - طريق الجمع بين الحديثين .  
قرأت على  أبي بكر بن محمد بن ذاكر بن محمد المستملي ،  أخبرنا   الحسن بن أحمد القاري ،  أخبرنا  محمد بن أحمد الكاتب ،  أخبرنا  علي بن عمر بن أحمد ،  حدثنا   الحسين بن إسماعيل ،  حدثنا   أبو يحيى محمد بن عبد الرحيم ،  حدثنا   معلى بن منصور ،  حدثنا   عبد السلام بن حرب ،  عن جده :  أنه حين رأى الأذان أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بلالا فأذن ، وأمر   عبد الله بن زيد  فأقام     .  
ورواه  حماد بن خالد ،  عن  محمد بن عمرو ،  عن  محمد بن عبد الله ،  عن عمه   عبد الله بن زيد ،  قال :  أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أشياء لم يصنع فيها شيئا ، قال : فأري   عبد الله بن زيد  الأذان في المنام ؛ فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره ، فقال : ألقه على  بلال     . فألقاه على  بلال ،  فأذن ، فقال عبد الله : أنا رأيته ، وأنا كنت أريده . قال : فأقم أنت     .  
 [ ص: 195 ] هذا حديث حسن ، وفي إسناده مقال من حديث  محمد بن عمرو ،  وأخرجه  أبو داود  في كتابه ، عن   عثمان بن أبي شيبة ،  عن  حماد بن خالد     .  
واتفق أهل العلم في الرجل يؤذن ويقيم غيره على أن ذلك جائز ، واختلفوا في الأولوية :  
فذهب أكثرهم إلى أنه لا فرق ، وأن الأمر متسع ، وممن رأى ذلك : مالك ، وأكثر  أهل  الحجاز ،    وأبو حنيفة ،  وأكثر  أهل  الكوفة ،     وأبو ثور     .  
وذهب بعضهم إلى أن الأولى أن من أذن فهو يقيم .  
وقال   سفيان الثوري     : كان يقال : من أذن فهو يقيم . وروينا عن   أبي محذورة  أنه جاء وقد أذن إنسان ، فأذن ، وأقام .  
وإلى هذا ذهب  أحمد     .  
وقال   الشافعي  في رواية  الربيع  عنه : وإذا أذن الرجل أحببت أن يتولى الإقامة لشيء يروى فيه : أن من أذن فهو يقيم .  
وكان من حجة من ذهب إلى القول الثاني ما أخبرنا به  أبو المحاسن محمد بن علي الزاهد ،  حدثنا   زاهر بن طاهر ،  أخبرنا  أحمد بن الحسين ،  أخبرنا   محمد بن الحسين القطان ،  أخبرنا  عبد الله بن جعفر ،  حدثنا   يعقوب بن سفيان  ، حدثنا   أبو عبد الرحمن المقرئ ،  حدثنا   عبد الرحمن بن زياد بن أنعم ،  عن  زياد بن نعيم الحضرمي  من  أهل  مصر ،    قال : سمعت  زياد بن الحارث الصدائي  صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحدث ، قال :  أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر الحديث ، ثم قال : فلما كان أذان الصبح أمرني فأذنت ، فجعلت أقول : أقيم يا رسول الله ؟ فنظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى ناحية المشرق إلى الفجر فيقول :    [ ص: 196 ] لا . حتى إذا طلع الفجر نزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتبرز ثم انصرف إلي ، وقد تلاحق أصحابه ، فذكر الحديث في الوضوء ، قال : ثم قام نبي الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الصلاة ، فأراد  بلال  أن يقيم فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : إن أخا  صداء   هو أذن ، ومن أذن فهو يقيم الصلاة . قال  الصدائي     : فأقمت الصلاة     .  
هذا حديث حسن ، أخرجه  أبو داود  في كتابه ، عن   عبد الله بن مسلمة ،  عن  عبد الله بن عمر بن غانم ،  عن   عبد الرحمن بن زياد ،  وأخرجه  الترمذي ،  عن   هناد بن السري ،  عن  عبدة  ويعلى ،  جميعا عن   عبد الرحمن بن زياد     .  
قالوا : فهذا الحديث أقوم إسنادا من الأول كما ترى .  
ثم حديث   عبد الله بن زيد  كان في أول ما شرع الأذان ، وذلك في السنة الأولى ، وحديث  الصدائي  كان بعده بلا شك ، والأخذ بآخر الأمرين أولى على ما قرر .  
وطريق الإنصاف أن يقال : الأمر في هذا الباب على التوسع  وادعاء النسخ ، مع إمكان الجمع بين الحديثين   على خلاف الأصل ، إذ لا عبرة بمجرد التراخي على ما قرر في المقدمة ، ثم نقول في حديث   عبد الله بن زيد     : إنما فوض الأذان إلى  بلال ؛  لأنه كان أندى صوتا من  عبد الله  على ما ذكر في الحديث ، والمقصود من الأذان الإعلام ، ومن شرطه الصوت ، وكلما كان الصوت أعلى كان أولى ، وأما  زياد بن الحارث  فكان جهوري الصوت ، ومن صلح للأذان كان للإقامة أصلح ، وهذا المعنى يؤكد قول من قال : من أذن فهو يقيم .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					