18507 وعن  أبي بكر الصديق  قال : أصبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم فصلى الغداة ، فجلس حتى إذا كان من الضحى ضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم مكث مكانه حتى صلى الأولى والعصر والمغرب ، كل ذلك لا يتكلم ، حتى صلى العشاء الآخرة ، ثم قام إلى بيته ، فقال الناس لأبي بكر   : ألا تسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما شأنه ؟ صنع اليوم شيئا لم يصنعه قط ! فسأله فقال : " نعم . عرض علي ما هو كائن من أمر الدنيا وأمر الآخرة  ، فجمع الأولون والآخرون بصعيد واحد ، فقطع الناس بذلك حتى انطلقوا إلى آدم   - صلى الله عليه وسلم - والعرق يكاد يلجمهم ، قالوا : يا آدم  ، أنت أبو البشر ، وأنت اصطفاك الله - عز وجل - اشفع لنا إلى ربنا ، قال : لقيت مثل الذي لقيتم ، انطلقوا إلى أبيكم بعد أبيكم ، إلى نوح  ، إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين   " . 
قال : " فينطلقون إلى نوح   - صلى الله عليه وسلم - فيقولون : اشفع لنا إلى ربنا ، فأنت اصطفاك الله ، واستجاب لك في دعائك ، ولم تدع على الأرض من الكافرين ديارا ، فيقول : ليس ذاكم عندي ، انطلقوا إلى إبراهيم   - صلى الله عليه وسلم - ; فإن الله - عز وجل - اتخذه خليلا . فينطلقون إلى إبراهيم  فيقول : ليس ذاكم عندي ، انطلقوا إلى موسى   - صلى الله عليه وسلم - ; فإن الله - عز وجل - كلمه تكليما ، فيقول موسى   : - صلى الله عليه وسلم - : ليس ذاكم عندي ، ولكن انطلقوا إلى عيسى ابن مريم   - صلى الله عليه وسلم - ; فإنه كان يبرئ الأكمه والأبرص ، ويحيي الموتى . فيقول عيسى   - صلى الله عليه وسلم - : ليس ذاكم عندي ، انطلقوا إلى محمد   - صلى الله عليه وسلم - فليشفع لكم إلى ربكم - عز وجل - " . 
قال : " فينطلقون فيأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - ربه ، فيخر ساجدا قدر جمعة ، ويقول - عز وجل - : ارفع رأسك ، وقل تسمع ، واشفع تشفع " . قال : " فيرفع رأسه ، فإذا نظر إلى ربه - عز وجل - خر ساجدا قدر جمعة أخرى ، فيقول الله - عز وجل - : ارفع رأسك ، وقل تسمع ، واشفع تشفع " . 
قال : " فيذهب ليقع ساجدا ، فيأخذ جبريل   - صلى الله عليه وسلم - بضبعيه ، فيفتح الله - عز وجل - عليه من الدعاء ما لا يفتحه على بشر قط ، يقول : رب خلقتني سيد ولد آدم  ولا فخر ، وأول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة ولا فخر ، حتى إنه ليرد علي الحوض أكثر ما بين صنعاء  وأيلة  ، ثم يقال : ادعوا الصديقين فيشفعون ، لمن أرادوا " . 
قال : " فإذا فعل  [ ص: 375 ] الشهداء ذلك يقول الله - عز وجل - : أنا أرحم الراحمين ، أدخلوا جنتي من لا يشرك بي شيئا " . قال : " فيدخلون الجنة ، ثم يقول الله - عز وجل - : انظروا في النار هل تلقون أحدا عمل خيرا قط ؟ " . 
قال : " فيجدون في النار رجلا فيقولون : هل عملت خيرا قط ؟ فيقول : لا . غير أني كنت أسامح الناس في البيع [ والشراء ] ، فيقول الله - عز وجل - : اسمحوا لعبدي كإسماحه إلى عبيدي . 
ثم يخرجون من النار رجلا فيقول له : هل عملت خيرا قط ؟ فيقول : لا . غير أني [ قد ] أمرت ولدي إذا أنا مت فأحرقوني بالنار ، ثم اطحنوني حتى إذا كنت مثل الكحل فاذهبوا بي في البحر فاذروني في الريح ، فوالله لا يقدر علي رب العالمين أبدا ، فقال الله - عز وجل - له : لم فعلت ذلك ؟ قال : من مخافتك ! " . قال : " فيقول الله - عز وجل - : انظر إلى ملك أعظم ملك ، فإن لك مثله وعشرة أمثاله " . قال : " فيقول : لم تسخر بي وأنت الملك ؟ ! قال : وذاك الذي ضحكت منه من الضحى  " . رواه أحمد  ، وأبو يعلى  بنحوه ،  والبزار  ، ورجالهم ثقات . 
				
						
						
