ما أسند  أبو سفيان صخر بن حرب  
 7269  - حدثنا  إسحاق بن إبراهيم الدبري  ، عن عبد الرزاق  ، عن معمر  ، عن  الزهري  ، أخبرني  عبيد الله بن عبد الله بن عتبة  ، عن  ابن عباس  ، حدثني  أبو سفيان بن حرب  ، من فيه إلى أذني قال : انطلقت في المدة التي كانت بيننا وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : فبينا أنا بالشام  إذ جيء بكتاب من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى هرقل  ، قال : وكان  دحية الكلبي  جاء به ، فدفعه إلى عظيم بصرى  ، فدفعه إلى هرقل ، فقال هرقل : ههنا رجل من قوم هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي ؟ قالوا : نعم . قال : فدعيت في نفر من قريش  فدخلنا على هرقل فأجلسنا بين يديه ، فقال : أيكم أقرب نسبا من هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي ؟ قال أبو سفيان   : قلت : أنا . فأجلسوني بين يديه وأجلسوا أصحابي خلفي ، ثم دعا بترجمانه ، فقال : قل لهم : إني سائل عن هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي ، فإن كذبني فكذبوه ، فقال أبو سفيان   : وايم الله ، لولا أن يؤثر علي الكذب لكذبت ، ثم قال لترجمانه :  [ ص: 15 ] سله : كيف حسبه فيكم ؟ قال : هو فينا ذو حسب . قال : فهل كان من آبائه ملك ؟ قلت : لا . قال : فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟ قلت : لا . قال : من يتبعه أشراف الناس ، أم ضعفاؤهم ؟ قال : قلت : بل ضعفاؤهم . فقال : أيزيدون ، أم ينقصون ؟ فقلت : لا ، بل يزيدون . قال : فهل يرتد أحد منهم عن دينه بعد أن يدخل فيه سخطا له ؟ قلت : لا . قال : فهل قاتلتموه ؟ قلت : نعم . قال : فكيف كان قتالكم إياه ؟ قلت : يكون الحرب بيننا وبينه سجالا يصيب منا ونصيب منه . قال : فهل يغدر ؟ قلت : لا ، ونحن منه في هدنة لا ندري ما هو صانع فيها . قال : فوالله ، ما أمكنني من كلمة أدخل فيها شيئا غير هذه . قال : فهل قال هذا القول أحد قبله . قلت : لا . قال لترجمانه : 
قل له : إني سألتك عن حسبه ، فزعمت أنه فيكم ذو حسب ، وكذلك الرسل تبعث في أحساب قومها ، وسألتك هل كان من آبائه ملك فزعمت أن لا ، فقلت : لو كان من آبائه ملك قلت : رجل يطلب ملك آبائه ، وسألتك عن أتباعه أضعفاؤهم أم أشرافهم ؟ فقلت بل ضعفاؤهم وهم أتباع الرسل ، وسألتك هل أنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟ فزعمت أن لا فقد عرفت أنه لم يكن ليدع الكذب على الناس ، ثم يذهب فيكذب على الله ، وسألتك هل يرتد أحد منهم عن دينه بعد أن يدخل فيه سخطا له ؟ فزعمت أن لا ، وكذلك الإيمان إذا خالط بشاشة القلوب ، وسألتك هل يزيدون أم ينقصون ؟ فزعمت أنهم يزيدون ، وكذلك الإيمان حتى يتم وسألتك هل قاتلتموه ؟ فزعمت أنكم قاتلتموه فيكون الحرب بينكم وبينه سجالا ينال منكم وتنالون منه ، وكذلك الرسل تبتلى ، ثم تكون لهم العاقبة ، وسألتك هل يغدر ؟ فزعمت أنه لا يغدر ، وكذلك الرسل لا تغدر وسألتك : هل قال هذا القول أحد قبله ؟ فزعمت أن لا ، فقلت : لو كان قال هذا القول أحد قبله قلت رجل ائتم بقول قيل قبله ، ثم قال : فبما يأمركم ؟ قلت : يأمرنا بالصلاة والزكاة والصلة  [ ص: 16 ] والعفاف . قال : فإن يك ما تقول فيه حقا إنه نبي ، وقد كنت أعلم أنه خارج ، ولم أكن أظنه منكم ، ولو كنت أعلم أني أخلص لأحببت لقاءه ، ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه ، وليبلغن ملكه ما تحت قدمي ، ثم دعا بكتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقرأه ، فإذا فيه : بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى هرقل عظيم الروم ، سلام على من اتبع الهدى أما بعد ، فإني أدعوك بدعاية الإسلام أسلم تسلم ، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين ، وإن تركت فإن عليك إثم الأريسيين ، و ياأهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم  إلى قوله بأنا مسلمون  ، فلما فرغ من قراءة الكتاب ارتفعت الأصوات عنده وكثر اللغط ، وأمر بنا فأخرجنا فقلت لأصحابي حين خرجنا : لقد أمر أمر ابن أبي كبشة إنه ليخافه ملك بني الأصفر ، فما زلت موقنا بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه سيظهر حتى أدخل الله علي الإسلام . 
قال  الزهري   : " فدعا هرقل عظماء الروم ، فجمعهم في دار له ، فقال : يا معشر الروم ، هل لكم في الفلاح والرشد آخر الأبد ؟ وأن يثبت لكم ملككم ؟ قال : فحاصوا حيصة حمر الوحش إلى الأبواب ، فوجدوها قد غلقت ، فدعا بهم : إني إنما اختبرت شدتكم على دينكم فقد رأيت منكم الذي أحببت ، فسجدوا له ورضوا عنه  " . 
				
						
						
