معبد بن كعب ، عن أخيه . 
(  174  ) حدثنا  محمد بن عبد الله الحضرمي  ، ثنا  محمد بن عبد الله بن نمير  ، ثنا  يونس بن بكير  ، عن محمد بن إسحاق  ، حدثني معبد بن كعب بن مالك بن القين  ، أخو بني سلمة ،  عن أخيه عبيد الله بن كعب  ، عن أبيه  كعب بن مالك  ، قال : خرجنا في الحجة التي بايعنا بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العقبة مع مشركي قومنا ، ومعنا  البراء بن معرور  كبيرنا وسيدنا ، حتى إذا كنا بظاهر البيداء ، قال : يا هؤلاء تعلمون أني قد رأيت رأيا ، ما أدري أتوافقوني عليه أم لا ؟ ، قلنا : ما هو يا أبا البشر ؟ ،  قال : رأيت أني أصلي إلى هذه البنية ولا أجعلها مني بظهر ، قلنا : لا والله لا تفعل ، ما بلغنا أن نبينا - صلى الله عليه وسلم - لا يصلي إلا إلى الشام ،  قال : فإني والله لمصل إليها ، وكان إذا  [ ص: 88 ] حضرت الصلاة توجه إلى الكعبة  وتوجهنا إلى الشام ،  حتى قدمنا مكة ،  فقال لي  البراء بن معرور   : يا ابن أخي انطلق بنا إلى رسول الله حتى نسأله عما صنعنا في سفرنا هذا ، فلقد وجدت في نفسي منه بخلافكم إياي ، فخرجنا نسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلقينا رجل بالأبطح ، فقلنا له : تدلنا على محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ،  قال : وهل تعرفانه إذا رأيتماه ؟ ، قلنا : لا والله ما نعرفه ، ولم نكن رأينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قال : فهل تعرفان العباس بن عبد المطلب ؟ ،  قلنا : نعم ، وقد كنا نعرفه ، كان يختلف إلينا بالتجارة ، قال : فإذا دخلتما المسجد فانظرا العباس  فهو الرجل الذي معه ، فدخلنا المسجد ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - والعباس  في ناحية المسجد جالسان ، فسلمنا وجلسنا ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " هل تعرف هذين الرجلين ؟ " ، فلما انفتل ، قال : نعم ، هذا  البراء بن معرور  سيد قومه ، وهذا  كعب بن مالك ،  فوالله ما أنسى قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " الشاعر ؟ " ، قال : نعم ، فقال له  البراء بن معرور   : يا رسول الله إني قد كنت رأيت في سفري هذا رأيا قد أحببت أن أسألك عنه لتخبرني عما صنعت فيه ، قال : " وما ذلك ؟ " ، قال : رأيت أن لا أجعل هذه البنية مني بظهر ، فصليت إليها ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " قد كنت على قبلة لو صبرت إليها " ، فرجع إلى قبلة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وأهله يقولون : قد مات عليها ، ونحن أعلم به قد رجع إلى قبلة رسول الله فصلى معنا إلى الشام   . 
ثم واعدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أوسط أيام التشريق ، ونحن سبعون رجلا لبيعته ، ومعنا  عبد الله بن عمرو بن حرام أبو جابر ،  وإنه لعلى شركه ، فقلنا : يا أبا جابر  إنا والله لنرغب بك أن تموت على ما أنت عليه فتكون لهذه النار غدا حطبا ، وإن الله - عز وجل - قد بعث رسولا يأمر بتوحيده ، وقد أسلم رجال من قومك ، وقد واعدنا رسول  [ ص: 89 ] الله - صلى الله عليه وسلم - للبيعة ، فأسلم وطهر ثيابه وحضرها معنا ، وكان نقيبا ، فلما كان في الليلة التي واعدنا فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمنى  أول الليل مع قومنا ، فلما استثقل الناس في النوم تسللنا من فرشنا تسلل القطا ، حتى اجتمعنا بالعقبة ،  فأتانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعمه العباس  ليس معه غيره وهو على شركه ، ولكنه أحب أن يحضر أمر ابن أخيه ، فكان أول متكلم ، قال : يا معشر الخزرج   - إنما كانت العرب تسمي هذا الحي من الأنصار  أوسها وخزرجها الخزرج   - يا معشر الخزرج  إن محمدا  منا بحيث قد علمتم ، وهو في منعة من قومه وبلاده ، وقد منعناه ممن على مثل رأينا فيه ، وقد أبى إلا انقطاعنا إليكم وإلى ما دعوتموه إليه ، فإن كنتم ترون أنكم وافون له بما واعدتموه إليه فأنتم وما علمتم ، وإن كنتم تخشون من أنفسكم خذلانا فاتركوه في قومه ، فإنه في منعة من عشيرته وقومه ، فقلنا : قد سمعنا ما قلت ، تكلم يا رسول الله فتكلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدعا إلى الله - عز وجل - وتلا القرآن ورغب في الإسلام ، فأجبناه في الإيمان به والتصديق له ، وقلنا : يا رسول الله خذ لربك ثم لنفسك ، فقال : " إني أبايعكم على أن تمنعوني مما منعتم منه أبناءكم ونساءكم   " ، فأجابه  البراء بن معرور  فقال : نعم ، والذي بعثك بالحق ، فبايعنا يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فنحن والله أهل الحروب وأهل الحلقة ورثناها كابرا عن كابر ، فعرض في الحديث  أبو الهيثم بن التيهان  فقال : يا رسول الله إن بيننا وبين قوم حبالا ، وإنا لقاطعوها ، فهل عسيت إن أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا ؟ ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " بل الدم الدم والهدم الهدم ، أنا منكم وأنتم مني ، أسالم من سالمتم ، وأحارب من حاربتم " ، فقال  البراء بن معرور   : ابسط يدك أبايعك ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أخرجوا إلي منكم اثني عشر نقيبا " ، فأخرجوهم ، وكان نقيب بني  [ ص: 90 ] النجار   أسعد بن زرارة ،  وكان نقيب بني سلمة  البراء بن معرور   وعبد الله بن عمرو بن حرام ،  وكان نقيب بني ساعدة   سعد بن عبادة ،  والمنذر بن عمرو ،  وكان نقيب بني زريق  رافع بن مالك بن العجلان ،  وكان نقيب بني الحارث بن الخزرج   عبد الله بن رواحة ،   وسعد بن الربيع ،  وكان نقيب بني عوف بن الخزرج   عبادة بن الصامت ،  ونقيب بني عبد الأشهل   أسيد بن حضير ،   وأبو الهيثم بن التيهان ،  وكان نقيب بني عمرو بن عوف   سعد بن خيثمة ،  وكانوا اثني عشر ، تسعة من الخزرج ،  وثلاثة من الأوس ،  فأخذ  البراء بن معرور  بيد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فضرب عليها ، فكان أول من بايع ، فتتابع الناس فبايعوا ، وصرخ الشيطان على العقبة  بأبعد صوت سمعته قط ، فقال : يا أهل الجباجب هل لكم في محمد  والصباة معه قد اجتمعوا على حربكم ؟ ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ارفضوا إلى رحالكم " ، فرجعنا إلى رحالنا ، فاضطجعنا على فرشنا ، فلما أصبحنا أقبلت جلة من قريش ،  فيهم  الحارث بن هشام  فتى شاب عليه نعلان له جديدان ، حتى جاءونا في رحالنا ، فقالوا : يا معشر الخزرج  قد جئتم إلى صاحبنا لتستخرجوه من بين أظهرنا ، وإنه والله ما من العرب أحد أبغض إلينا أن ينشب الحرب فيما بيننا وبينه منكم ، فانبعث من هناك من قومنا من المشركين يحلفون بالله ما كان من هذا شيء وما فعلناه ، وأنا أنظر إلى أبي جابر بن عبد الله بن حرام ،  وهو صامت وأنا صامت ، فلما تثور القوم لينطلقوا قلت كلمة كأني أشركهم في الكلام : يا أبا جابر  أنت من سادتنا ، وكهل من كهولنا ، لا تستطيع أن تتخذ مثل نعل هذا الفتى من قريش ،  فسمعه الفتى فخلع نعليه ، فرمى بهما إلي ، فقال : والله لتلبسنهما ، فقال أبو جابر   : مهلا ، أحفظت لعمر الله الرجل ، يقول أخجلته ، اردد عليه نعليه ، قلت : والله لا أردهما ، إني لأرجو أن [ ص: 91 ] أستلبه  . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					