195     - حدثنا   محمد بن المثنى  قال : نا   عمر بن يونس  قال : نا   عكرمة بن عمار  قال : حدثني  أبو زميل  ، قال : حدثني   ابن عباس  قال : حدثني   عمر بن الخطاب  قال : "  لما اعتزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نساءه   دخلت المسجد فإذا الناس ينكتون بالحصا ويقولون : طلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نساءه ، وذلك قبل أن يؤمرن بالحجاب ، قال : فدخلت على  عائشة  فقلت : يا  بنت أبي بكر  لقد بلغ شأنك أن تؤذي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قالت : ما لي ولك يا  ابن الخطاب  ، عليك بعيبتك ، فدخلت على   حفصة بنت عمر  فقلت : يا  حفصة  قد بلغ من شأنك أن تؤذي الله ورسوله ؟ لقد علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يحبك ولولا أنا لطلقك ، قال : فبكت أشد البكاء ، فقلت : أين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : في خزانته في المشربة ، فإذا بغلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  رباح  قاعد على أسكفة المشربة مدل رجليه على نقير من خشب وهو جذع يرقى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فناديت : يا  رباح  استأذن لي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فنظر إلى الغرفة ثم نظر إلي فلم يقل شيئا ، فقلت : يارباح  استأذن لي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإني أظن أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ظن أني جئت من      [ ص: 304 ] أجل  حفصة  ، والله لو أمرني أن أضرب عنقها لضربت عنقها ، فأومأ إلي بيده فدخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو مضطجع على حصير فجلست فإذا عليه إزار ليس عليه غيره ، وإذا الحصير قد أثر في جسده فذهبت أرمي ببصري في خزانة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا شطر من شعير قدر صاع وقرظ في ناحية الغرفة فابتدرت عيناي ، فقال : " ما يبكيك يا  ابن الخطاب  ؟ " قلت : يا رسول الله ألا أبكي وهذا الحصير قد أثر في جسدك ، وهذه خزانتك لا أرى فيها إلا ما أرى  وقيصر  وكسرى  في الثمار والأنهار وأنت رسول الله وصفوته وهذه خزانتك ، قال : "  ألا ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة   ؟ " قلت : بلى ، ودخلت عليه وأنا أرى في وجهه الغضب ، فقلت : يا رسول الله ما شق عليك من شأن النساء فإن كنت طلقتهن فإن الله معك وملائكته  وجبريل   وميكائيل   وأنا  وأبا بكر  ،  وقلما تكلمت وأحمد الله بكلام إلا رجوت أن يصدق الله قولي   ، ونزلت هذه الآية (  عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن      ) ونزلت (  وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل      ) إلى آخر الآية ، وكانت  بنت أبي بكر   وحفصة  تظاهران على سائر نساء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت : يا رسول الله طلقتهن ؟ قال : " لا " ، قلت : أنزل فأخبرهن أنك لم تطلقهن ؟ قال : " نعم إن شئت " فلم أزل أحدثه حتى كشر الغضب عن وجهه ، وكشر يضحك ،  وكان من أحسن الناس ثغرا   فنزل نبي الله - صلى الله عليه وسلم - ونزلت أتشبث بالجزع ، ونزل كأنما يمشي على الأرض ما يمسه      [ ص: 305 ] بيده ، فقلت : يا رسول الله كنت في الغرفة تسعة وعشرين يوما ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الشهر قد يكون تسعة وعشرين " . فقمت على باب المسجد فناديت بأعلى صوتي :  لم يطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نساءه   ، ونزلت الآية (  وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم      ) ، قال : فكنت أنا الذي استنبطت ذلك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم     - .  
وهذا الحديث لا نعلمه يروى بهذا اللفظ إلا عن  عمر،  وقد روي عن  عمر  بعض هذا الكلام بإسناد آخر ، وهذا الإسناد أحسن من الإسناد الآخر وأتم كلاما ،  وأبو زميل  مشهور، روى عنه   مسعر  ،   وعكرمة بن عمار  وغيرهما .  
				
						
						
