61 -  لولا   
مركبة عند   سيبويه  من " لو " و " لا " ، حكاه  الصفار     . والصحيح أنها بسيطة . لأن من التركيب ما يغير ، ومنه ما لا يغير ، فمما لا يغير " لولا " ومما يتغير بالتركيب حبذا صارت للمدح والثناء ، وانفصل " ذا " عن أن يكون مثنى أو مجموعا أو مؤنثا ، وصار بلفظ واحد لهذه الأشياء ، وكذلك " هلا " زال عنها الاستفهام جملة .  
ثم هي على أربعة أضرب :  
الأول : حرف امتناع لوجوب ، وبعضهم يقول : لوجود بالدال . قيل : ويلزم على عبارة   سيبويه  في " لو " أن تقول : حرف لما كان سيقع لانتفاء ما قبله .  
وقال صاحب رصف المباني : الصحيح أن تفسيرها بحسب الجمل التي تدخل      [ ص: 323 ] عليها فإن كانت الجملتان بعدها موجبتين ، فهي حرف امتناع لوجوب نحو : لولا زيد لأحسنت إليك ، فالإحسان امتنع لوجود زيد ، وإن كانتا منفيتين فحرف وجود لامتناع ، نحو : لولا عدم قيام زيد لم أحسن إليك ، وإن كانتا موجبة ومنفية فهي حرف وجوب لوجوب نحو : لولا زيد لم أحسن إليك ، وإن كانتا منفية وموجبة فهي حرف امتناع لامتناع نحو : لولا عدم زيد لأحسنت إليك . انتهى .  
ويلزم في خبرها الحذف ويستغنى بجوابها عن الخبر ، والأكثر في جوابها المثبت اللام ، نحو :  لولا أنتم لكنا مؤمنين      ( سبأ : 31 )  فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون      ( الصافات : 143 - 144 ) . وقد يحذف للعلم به كقوله تعالى :  ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله تواب حكيم      ( النور : 10 ) .  
وقد قيل في قوله تعالى :  وهم بها لولا أن رأى برهان ربه      ( يوسف : 24 ) لهم بها لكنه امتنع همه بها لوجود رؤية برهان ربه ، فلم يحصل منه هم ألبتة ، كقولك لولا زيد لأكرمتك ، المعنى أن الإكرام ممتنع لوجود زيد ، وبه يتخلص من الإشكال الذي يورد ، وهو كيف يليق به الهم .  
وأما جوابها إذا كان منفيا فجاء القرآن بالحذف ، نحو :  ما زكا منكم من أحد أبدا      ( النور : 21 ) . وهو يرد قول  ابن عصفور  أن النفي بـ " ما " الأحسن باللام .  
الثاني : التحضيض فتختص بالمضارع ، نحو :  لولا تستغفرون الله      ( النمل : 46 ) .  لولا ينهاهم الربانيون والأحبار      ( المائدة : 63 ) .  لولا أخرتني إلى أجل قريب      ( المنافقون : 10 ) .  
 [ ص: 324 ] والتوبيخ والتنديم فتختص بالماضي ، نحو :  لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء      ( النور : 13 ) .  فلولا نصرهم الذين اتخذوا من دون الله قربانا آلهة      ( الأحقاف : 28 ) .  ولولا إذ سمعتموه قلتم      ( النور : 16 ) .  فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا      ( الأنعام : 43 ) .  
وفي كل من القسمين تختص بالفعل ، لأن التحضيض والتوبيخ لا يردان إلا على الفعل هذا هو الأصل .  
وقد جوزوا فيها إذا وقع الماضي بعدها أن يكون تحضيضا أيضا ، وهو حينئذ يكون قرينة صارفة للماضي عن المضي إلى الاستقبال ، فقالوا في قوله تعالى :  فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة      ( التوبة : 122 ) ، يجوز بقاء " نفر " على معناه في المضي ، فيكون " لولا " توبيخا ، ويجوز أن يراد به الاستقبال ، فيكون تحضيضا .  
قالوا : وقد تفصل من الفعل بإذ وإذا معمولين له ، وبجملة شرطية معترضة .  
فالأول :  ولولا إذ سمعتموه قلتم      ( النور : 16 )  فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا      ( الأنعام : 43 ) .  
والثاني والثالث ، نحو :  فلولا إذا بلغت الحلقوم   وأنتم حينئذ تنظرون   ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون   فلولا إن كنتم غير مدينين   ترجعونها إن كنتم صادقين      ( الواقعة : 83 إلى 87 ) المعنى : فهلا ترجعون الروح إذا بلغت الحلقوم إن كنتم مؤمنين ، وحالتكم أنكم شاهدون ذلك ، ونحن أقرب إلى المحتضر منكم بعلمنا ، أو بالملائكة ، ولكنكم لا تشاهدون ذلك ، و " لولا " الثانية تكرار للأولى .  
الثالث للاستفهام بمعنى " هل " ، نحو :  لولا أخرتني إلى أجل قريب      ( المنافقون : 10 ) .  لولا أنزل عليه ملك      ( الأنعام : 8 ) . قاله  الهروي ،  ولم يذكره الجمهور ،      [ ص: 325 ] والظاهر أن الأولى للعرض والثانية مثل :  لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء      ( النور : 13 ) .  
الرابع : للنفي بمعنى " لم " نحو قوله تعالى :  فلولا كانت قرية آمنت      ( يونس : 98 ) أي لم تكن . فلولا كان من القرون من قبلكم ( هود : 116 ) أي فلم يكن ، ذكره  ابن فارس  في كتاب فقه العربية ،  والهروي  في الأزهية .  
والظاهر أن المراد " فهلا " ، ويؤيده أنها في مصحف  أبي  فهلا كانت قرية . نعم يلزم من ذلك الذي ذكراه معنى المضي ، لأن اقتران التوبيخ بالماضي يشعر بانتفائه .  
وقال   ابن الشجري     : هذا يخالف أصح الإعرابين ، لأن المستثنى بعد النفي يقوى فيه البدل ، ويجوز فيه النصب ، ولم يأت في الآيتين إلا النصب ، أي فدل على أن الكلام موجب ، وجوابه ما ذكرنا من أن فيه معنى النفي .  
وجعل  ابن فارس  منه :  لولا يأتون عليهم بسلطان بين      ( الكهف : 15 ) . المعنى اتخذوا من دون الله آلهة ولا يأتون عليه بسلطان .  
ونقل  ابن برجان  في تفسيره في أواخر سورة هود ، عن الخليل ، أن جميع ما في القرآن من " لولا " فهي بمعنى " هلا " إلا قوله في سورة الصافات :      [ ص: 326 ] فلولا أنه كان من المسبحين للبث      ( الصافات : 143 - 144 ) لأن جوابها بخلاف غيرها . وفيه نظر لما سبق .  
				
						
						
