تنبيهات الأول : أهل الصناعة يطلقون  الزائد على وجوه      : منها ما يتعلق به هنا وهو ما أقحم تأكيدا نحو :  فبما رحمة من الله لنت لهم      ( آل عمران : 159 )  إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة      ( البقرة : 26 )  ليس كمثله شيء      ( الشورى : 11 ) .  
ومعنى كونه زائدا أن أصل المعنى حاصل بدونه دون التأكيد ; فبوجوده حصل فائدة التأكيد ، والواضع الحكيم لا يضع الشيء إلا لفائدة .  
وسئل بعض العلماء عن التوكيد بالحرف ، وما معناه ; إذ إسقاط الحرف لا يخل بالمعنى ؟ فقال : هذا يعرفه أهل الطباع ; إذ يجدون أنفسهم بوجود الحرف على معنى زائد لا      [ ص: 151 ] يجدونه بإسقاط الحرف قال : ومثال ذلك مثال العارف بوزن الشعر طبعا ، فإذا تغير البيت بزيادة أو نقص أنكره ، وقال : أجد نفسي على خلاف ما أجده بإقامة الوزن .  
فكذلك هذه الحروف تتغير نفس المطبوع عند نقصانها ، ويجد نفسه بزيادتها على معنى بخلاف ما يجدها بنقصانه .  
الثاني : حق الزيادة أن تكون في الحرف وفي الأفعال كما سبق ، وأما الأسماء فنص أكثر النحويين على أنها لا تزاد ، ووقع في كلام كثير من المفسرين الحكم عليها في بعض المواضع بالزيادة ; كقول   الزمخشري  في قوله تعالى :  يخادعون الله والذين آمنوا      ( البقرة : 9 ) : إن اسم الجلالة مقحم ، ولا يتصور مخادعتهم لله تعالى .  
الثالث : حقها أن تكون آخرا وحشوا ، وأما وقوعها أولا فلا ; لما فيه من التناقض ; إذ قضية الزيادة إمكان اطراحها ، وقضية التصدير الاهتمام ، ومن ثم ضعف قول بعضهم بزيادة لا في قوله تعالى :  لا أقسم بيوم القيامة      ( القيامة : 1 ) وأبعد منه قول آخر : إنها بمعنى " إلا " ، والظاهر أنها رد لكلام تقدم في إنكار البعث ; أي : ليس الأمر كما تقولون ، ثم قال بعده :  أقسم بيوم القيامة      ( القيامة : 1 ) وعليه فيجوز الوقف على " لا " وفيه بعد .  
				
						
						
