فصل  
قال  القاضي أبو بكر  في ( التقريب ) : لا يجوز  تعارض آي القرآن والآثار   وما توجبه أدلة العقل ; فلذلك لم يجعل قوله تعالى :  الله خالق كل شيء      ( الزمر : 62 ) معارضا لقوله :  وتخلقون إفكا      ( العنكبوت : 17 ) ، وقوله :  وإذ تخلق من الطين      ( المائدة : 110 ) ، وقوله :  فتبارك الله أحسن الخالقين      ( المؤمنون : 14 ) ، لقيام الدليل العقلي أنه لا خالق غير الله تعالى ، فيتعين تأويل ما عارضه ، فيؤول قوله :  وتخلقون      ( العنكبوت : 17 ) ، بمعنى ( تكذبون ) لأن الإفك نوع من الكذب ، وقوله :  وإذ تخلق من الطين      ( المائدة : 110 ) أي ( تصور ) .  
ومن ذلك قوله :  أن الله بكل شيء عليم      ( المجادلة : 7 ) لا يعارضه قوله :  أتنبئون الله بما لا يعلم      ( يونس : 18 ) ; فإن المراد بهذا ما لا يعلمه أنه غير كائن ، ويعلمونه وقوع ما ليس بواقع ، لا على أن من المعلومات ما هو غير عالم به وإن علمتموه .  
وكذلك لا يجوز جعل قوله تعالى :  إن الله لا يخفى عليه شيء      ( آل عمران : 5 ) معارضا لقوله :  حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين      ( محمد : 31 ) وقوله :  إلى ربها ناظرة      ( القيامة : 23 ) ، معارضا لقوله :  لا تدركه الأبصار      ( الأنعام : 103 ) في تجويز الرؤية وإحالتها ، لأن دليل العقل يقضي بالجواز ، ويجوز تخصيص النفي بالدنيا والإثبات بالقيامة .  
وكذلك لا يجوز جعل قوله :  وما مسنا من لغوب      ( ق : 38 ) معارضا لقوله :  وهو أهون عليه      ( الروم : 27 ) بل يجب تأويل ( أهون ) على ( هين ) .  
 [ ص: 182 ] ولا جعل قوله تعالى :  ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا      ( غافر : 4 ) معارضا لأمره نبيه وأمته بالجدال في قوله :  وجادلهم بالتي هي أحسن      ( النحل : 125 ) فيحمل الأول على ذم الجدال الباطل .  
ولا يجوز جعل قوله :  ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام      ( الرحمن : 27 ) معارضا لقوله :  كل من عليها فان      ( الرحمن : 26 ) .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					