تنبيه  
لا يجوز  تعدي أمثلة القرآن ;   ولذلك أنكر على  الحريري  في قوله في مقامته الخامسة عشرة : فأدخلني بيتا أحرج من التابوت ، وأوهن من بيت العنكبوت ; فأي معنى أبلغ من معنى أكده الله من ستة أوجه حيث قال :  وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت      ( العنكبوت : 41 ) فأدخل إن ، وبنى أفعل التفضيل ، وبناه من الوهن ، وأضافه إلى الجمع ، وعرف الجمع باللام ، وأتى في خبر إن باللام ، وقد قال تعالى :  وإذا قلتم فاعدلوا      ( الأنعام : 152 ) ; وكان اللائق  بالحريري  ألا يتجاوز هذه المبالغة ، وما بعد تمثيل الله تمثيل ، وقول الله أقوم قيل ، وأوضح سبيل ; ولكن قال الله تعالى :  إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة      ( البقرة : 26 ) وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثالا لما دون ذلك فقال :  لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة     . وكذلك قول بعضهم :  
ولو أن ما بي من جوى وصبابة على جمل لم يبق في النار خالد      [ ص: 115 ] غفر الله له ; والله تعالى يقول :  ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط      ( الأعراف : 40 ) فقد جعل ولوج الجمل في السم غاية لنفي دخولهم الجنة ، وتلك غاية لا توجد ، فلا يزال دخولهم الجنة منفيا ، وهذا الشاعر وصف جسمه بالنحول ، بما يناقض الآية .  
ومن هذا جرت مناظرة بين   أبي العباس أحمد بن سريج ،   ومحمد بن داود الظاهري ;  قال  أبو العباس  له : أنت تقول بالظاهر وتنكر القياس ، فما تقول في قول الله تعالى :  فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره   ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره      ( الزلزلة : 7 و 8 ) فمن يعمل مثقال نصف ذرة ما حكمه ؟ فسكت  محمد  طويلا وقال : أبلعني ريقي ; قال له  أبو العباس     : قد أبلعتك  دجلة ،   قال أنظرني ساعة ، قال : أنظرتك إلى قيام الساعة ، وافترقا ، ولم يكن بينهما غير ذلك .  
وقال بعضهم : وهذا من مغالطات  ابن سريج   وعدم تصور  ابن داود      : لأن الذرة ليس لها أبعاض فتمثل بالنصف والربع وغير ذلك من الأجزاء ; ولهذا قال سبحانه :  إن الله لا يظلم مثقال ذرة      ( النساء : 40 ) فذكر سبحانه ما لا يتخيل في الوهم أجزاؤه ، ولا يدرك تفرقه .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					