ودليل تقديم الوجه على اليدين أنه تعالى قدمه في آية النساء ، وآية المائدة ، حيث قال فيهما : فامسحوا بوجوهكم وأيديكم .
وقد قال - صلى الله عليه وسلم - : " أبدأ بما بدأ الله به " ، يعني قوله : إن الصفا والمروة الآية [ 2 \ 158 ] ، وفي بعض رواياته " ابدءوا " بصيغة الأمر ، وذهب الإمام أحمد ، ومن وافقه إلى تقديم اليدين ، مستدلا بما ورد في صحيح البخاري في باب " التيمم ضربة " ، من حديث عمار بن ياسر رضي الله عنهما : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له : " إنما كان يكفيك أن تصنع هكذا ، فضرب بكفيه ضربة على الأرض ، ثم نفضها ، ثم مسح بها ظهر كفه بشماله ، أو ظهر شماله بكفه ، ثم مسح بها وجهه " الحديث .
ومعلوم أن " ثم " تقتضي الترتيب ، وأن الواو لا تقتضيه عند الجمهور ، وإنما تقتضي مطلق التشريك ، ولا ينافي ذلك أن يقوم دليل منفصل على أن المعطوف بالواو مؤخر عما قبله ، كما دل عليه الحديث المتقدم في قوله : إن الصفا والمروة الآية ، وكما في قول حسان : [ الوافر ]
[ ص: 364 ]
هجوت محمدا وأجبت عنه
على رواية " الواو " ، فحديث البخاري هذا نص في تقديم اليدين على الوجه ، وللإسماعيلي من طريق هارون الحمال ، عن أبي معاوية ما لفظه : " إنما يكفيك أن تضرب بيديك على الأرض ثم تنفضهما ، ثم تمسح بيمينك على شمالك ، وشمالك على يمينك ، ثم تمسح على وجهك " قاله ابن حجر في " الفتح " ، وأكثر العلماء على تقديم الوجه مع الاختلاف في وجوب ذلك ، وسنيته .


