قوله تعالى : والذي قدر فهدى   
أطلق هنا التقدير ; ليعم كل مقدور ، وهو عائد على كل مخلوق ; لأن من لوازم الخلق التقدير ، كما قال تعالى : إنا كل شيء خلقناه بقدر    [ 54 \ 49 ] ، وقوله : قد جعل الله لكل شيء قدرا    [ 65 \ 3 ] ، وهذه الآية ومثيلاتها من أعظم آيات القدرة ، وقد جمعها تعالى عند التعريف التام لله تعالى ، لما سأل فرعون نبي الله موسى  عن ربه ، قال : فمن ربكما ياموسى  قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى    [ 20 \ 49 - 50 ] . 
وقد تقدم بيان عموم قوله تعالى : الذي خلق فسوى    [ 87 \ 2 ] ، وهنا قدر كل ما خلق ، وهدى كل مخلوق إلى ما قدره له ، ففي العالم العلوي قدر مقادير الأمور ، وهدى الملائكة لتنفيذها ، وقدر مسير الأفلاك ، وهداها إلى ما قدر لها : " كل في فلك يسبحون    " [ 21 \ 33 ] . 
وفي الأشجار والنباتات ; قدر لها أزمنة معينة في إيتائها وهدايتها إلى ما قدر لها ، فالجذر ينزل إلى أسفل والنبتة تنمو إلى أعلى ، وهكذا الحيوانات في تلقيحها ، ونتاجها ، وإرضاعها . كل قد هداه إلى ما قدر له ، وهكذا الإنسان . 
وقد قال  الفخر الرازي    : إن العالم كله داخل تحت منطوق هذه الآية . 
أما معناها بالتفصيل ، فتقدم للشيخ - رحمة الله تعالى علينا وعليه - في سورة " طه " عند الكلام على قوله تعالى : قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى    [ 20 \ 50 ] . 
				
						
						
