قوله تعالى : فاتقوا الله ما استطعتم     . 
يفهم منه أن التكليف في حدود الاستطاعة ، ويبينه قوله تعالى : لا يكلف الله نفسا إلا وسعها    [ 2 \ 286 ] . 
وقوله تعالى : ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به    [ 2 \ 286 ] . 
وفي الحديث : " قال الله قد فعلت   " ، وهذا في الأوامر دون النواهي ; لأن النواهي تروك . 
كما جاء في السنة : " ما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم ، وما نهيتكم عنه فاجتنبوه   " ، وهذا من خصائص هذه الأمة . 
كما تقدم للشيخ - رحمة الله تعالى علينا وعليه - عند أواخر سورة " البقرة " ، وتحقيق ذلك في رخص الصلاة ، والصيام ونحوهما . 
قوله تعالى : ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون     . 
قالوا : الشح ، أخص من البخل ، وقيل البخل : أن تضن بمالك ، والشح أن تضن بمال غيرك ، والواقع أن الشح منتهى البخل ، وإن ذكره هنا بعد قضايا الأزواج والأولاد وفتنتهم وعداوتهم ، ثم الأمر بالسمع والطاعة والإنفاق في قوله : واسمعوا وأطيعوا وأنفقوا خيرا لأنفسكم    [ 64 \ 16 ] ، يشعر بأن أكثر قضايا الزوجية منشؤها من جانب المال   [ ص: 205 ] حرصا عليه أو بخلا به ، حرصا عليه بالسعي إليه بسببهم ، فقد يفتن في ذلك ، وشحا به بعد تحصيله فقد يعادونه فيه . 
والعلاج الناجع في ذلك كله الإنفاق وتوقي الشح ، والشح من جبلة النفس وأحضرت الأنفس الشح    [ 4 \ 128 ] ، وفي إضافة الشح إلى النفس مع إضافة الهداية فيما تقدم إلى القلب سر لطيف ، وهو أن الشح جبلة البشرية ، والهداية منحة إلهية ، والأولى قوة حيوانية ، والثانية قوة روحية . 
فعلى المسلم أن يغالب بالقوة الروحية ما جبل عليه من قوة بشرية ; لينال الفلاح والفوز ، كما أشار تعالى بقوله : المال والبنون زينة الحياة الدنيا    . ثم قال : والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا    [ 18 \ 46 ] . 
قوله تعالى : واسمعوا وأطيعوا    . 
أي : لا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وعصينا ، ولا كقوم نوح   الذين قال عنهم : وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا    [ 71 \ 7 ] . 
وقد ندد بقول الكفار : لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه    [ 41 \ 26 ] . 
قال الشيخ - رحمة الله تعالى علينا وعليه - : اسمعوا ما يقال لكم ، وأطيعوا فيما سمعتم ، لا كمن قبلكم المشار إليهم بالآيات المتقدمة . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					