حي على خير العمل في الأذان  
اتفق الأئمة - رحمهم الله - على أنها ليست من ألفاظ الأذان ، وحكاها الشوكاني  عن العترة  ، وناقش مقالتهم وآثارها بأسانيدها . 
ومما جاء فيها عندهم أثر عن  ابن عمر  ، أنه كان يؤذن بها أحيانا   . 
ومنها عن علي بن الحسين  أنه قال : هو الأذان الأول   . 
ثم قال : وأجاب الجمهور عن كل ذلك بأن أحاديث ألفاظ الأذان في الصحيحين وغيرهما لم يثبت فيهما شيء من ذلك . 
قالوا : وإذا صح ما روي أنه الأذان الأول فهو منسوخ بأحاديث الأذان لعدم ذكره فيها . 
وقد أورد البيهقي  حديثا في نسخ ذلك ، ولكن من طريق لا يثبت النسخ بمثله . اهـ . ملخصا . 
وقد ذكر صاحب جمع الفوائد حديثا عن بلال    - رضي الله عنه - أنه كان يؤذن للصبح فيقول : حي على خير العمل ، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يجعل مكانها الصلاة خير من النوم ، وترك حي على خير العمل ، وقال : رواه  الطبراني  في الكبير بضعف . اهـ . 
ولا يبعد أن يكون أثر بلال  هذا هو الذي عناه علي بن الحسين  ، وعلى كل فهذا الأثر وإن كان ضعيفا فإنه مرفوع ، وفيه التصريح بالمنع منها ، وعليه الأئمة الأربعة وغيرهم إلا ما عليه الشيعة  فقط . 
ومن جهة المعنى ، فإن معناها لا يستقيم مع بقية النصوص الصحيحة الصريحة ،   [ ص: 157 ] وذلك أنه ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن خير العمل أمر نسبي ، وأن خير جميع الأعمال كلها هو أولا وقبل كل شيء الإيمان بالله ، وذلك أنه - صلى الله عليه وسلم - سئل : أي الأعمال أفضل يا رسول الله ؟ قال : " إيمان بالله " ، قيل : ثم ماذا ؟ فقال مرة : " الجهاد في سبيل الله   " ، وقال مرة : " الصلاة على أول وقتها   " ، وقال مرة : " بر الوالدين   " وفي كل مرة يقدم إيمانا بالله . 
فعليه الإيمان بالله هو خير العمل ، وليست الصلاة ، ثم بعد الإيمان بالله فهو بحسب حال السائل وحالة كل شخص ، فمن كان قويا وليس عليه حق لوالديه ، فالجهاد أفضل الأعمال في حقه مع الحفاظ على الصلاة ، فإن كان ذا والدين ، فبرهما مقدم على كل عمل ، ولم لا ! فإن الصلاة على أول وقتها لغير هؤلاء ، فإطلاق القول بالصلاة خير العمل في حق جميع الناس لا يصح مع هذه الأحاديث ، ولهذا منع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلالا  أن يقولها ، وجعلها : خيرا من النوم ، وهذا لا نزاع فيه ولا بالنسبة لأي أحد من الناس ، والله تعالى أعلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					