قوله تعالى : لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر  ومن يتول فإن الله هو الغني الحميد    . 
 [ ص: 89 ] إعادة هذه الآية تأكيد على معنى الآية الأولى . 
وقوله : لمن كان يرجو الله واليوم الآخر  يفسره ما تقدم من قوله : إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي    [ 60 \ 1 ] ؛ لأنها تساويها في الماصدق ، وهنا جاء بهذا اللفظ ليدل على العموم ، وتكون قضية عامة فيما بعد لكل من يرجو الله واليوم الآخر ، أن يتأسى بإبراهيم - عليه السلام - والذين معه في موقفهم المتقدم . 
وقوله تعالى : ومن يتول فإن الله هو الغني الحميد  ، التولي هنا الإعراض عن أوامر الله عموما . 
وهنا يحتمل تولي الكفار وموالاتهم ، فإن الله غني عنه حميد . 
قال  ابن عباس    : كمل في غناه ، ومثله قوله تعالى : فكفروا وتولوا واستغنى الله    [ 64 \ 6 ] . 
وقد جاء بيان استغناء الله عن طاعة الطائعين  عموما وخصوصا فجاء في خصوص الحج : ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين    [ 3 \ 97 ] . 
وجاء في العموم قوله تعالى : إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد    [ 14 \ 8 ] ؛ لأن أعمال العباد لأنفسهم ، كما قال تعالى : ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه إن الله لغني عن العالمين    [ 29 \ 6 ] . 
وكما في الحديث القدسي : " لو أن أولكم وآخركم ، وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا   " . 
وقد بين تعالى غناه المطلق بقوله : لله ما في السماوات والأرض إن الله هو الغني الحميد    [ 31 \ 26 ] . 
				
						
						
