المسألة الثانية 
اعلم أن من أراد الحج له أن يحرم مفردا الحج ، وله أن يحرم متمتعا بالعمرة إلى الحج  ، وله أن يحرم قارنا بين الحج والعمرة ، وإنما الخلاف بين العلماء فيما هو الأفضل من الثلاثة المذكورة . 
والدليل على التخيير بين الثلاثة ما رواه الشيخان في صحيحيهما من حديث عائشة  رضي الله عنها قالت : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع . فمنا من أهل بعمرة ، ومنا من أهل بحجة وعمرة ، ومنا من أهل بالحج   . الحديث . وهو نص صريح متفق عليه في جواز الثلاثة المذكورة . وقال النووي  في شرح المهذب : وجواز الثلاثة قال به العلماء وكافة الصحابة والتابعين ومن بعدهم ، إلا ما ثبت في الصحيحين عن  عمر بن الخطاب   وعثمان بن عفان  رضي الله عنهما أنهما كانا ينهيان عن التمتع . انتهى محل الغرض من كلامه . 
 [ ص: 343 ] وقال أيضا في شرح مسلم    : وقد أجمع العلماء على جواز الأنواع الثلاثة . 
وقال  ابن قدامة  في المغني : وأجمع أهل العلم على جواز الإحرام ، بأي الأنساك الثلاثة شاء ، واختلفوا في أفضلها . 
وفي رواية في الصحيح عن عائشة  قالت : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " من أراد منكم أن يهل بحج وعمرة فليفعل ، ومن أراد أن يهل بحج فليهل ، ومن أراد أن يهل بعمرة فليهل   . قالت عائشة  رضي الله عنها : فأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بحج ، وأهل به ناس معه ، وأهل ناس بالعمرة والحج ، وأهل ناس بعمرة ، وكنت في من أهل بالعمرة "   . هذا لفظ مسلم  في صحيحه ، وهو صريح في جواز الثلاثة المذكورة . 
وبه تعلم أن ادعاء بعض المعاصرين أن إفراد الحج ممنوع ، مخالف لما صح باتفاق مسلم   والبخاري  عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وأطبق عليه جماهير أهل العلم . وحكى غير واحد عليه الإجماع ، وسنذكر إن شاء الله كلام أهل العلم في التفضيل بينها مع مناقشة الأدلة . 
				
						
						
