( ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم  من فتياتكم المؤمنات    ) الطول : السعة في المال ، قاله  ابن عباس  ، و مجاهد  ،  وابن جبير  ، والسدي  ، وابن زيد  ، و مالك  في المدونة . وقال  ابن مسعود  ، و جابر  ، و عطاء  ، و  الشعبي  ، والنخعي  ، و ربيعة    : الطول هنا الجلد والصبر لمن أحب أمة وهو بها حتى صار لا يستطيع أن يتزوج غيرها فله أن يتزوجها ، وإن كان يجد سعة في المال لنكاح حرة . والمحصنات هنا الحرائر ، يدل على ذلك التقسيم بينهن وبين الإماء . وقالت فرقة : معناه العفائف ، وهو ضعيف . 
واختلفوا في جواز نكاح الأمة لواجد طول الحرة    . وظاهر الآية يدل على أن من لم يستطع ما يتزوج به الحرة المؤمنة وخاف العنت ، فيجوز له أن يتزوج الأمة المؤمنة ، ويكون هذا تخصيصا لعموم قوله : ( وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم    ) فيكون تخصيصا في الناكح بشرط ألا يجد طول الحرة ويخاف العنت ، وتخصيصا في إمائكم بقوله : من فتياتكم المؤمنات ، وتخصيص جواز نكاح الإماء بالمؤمنات لغير واجد طول الحرة  ، هو مذهب أهل الحجاز    . فلا يجوز له نكاح الأمة الكتابية ، وبه قال :  الأوزاعي  ، و الليث  ، و مالك  ،  والشافعي    . وذهب العراقيون أبو حنيفة  وأبو يوسف  وزفر  ومحمد   والحسن بن زياد   والثوري  ومن التابعين الحسن  ومجاهد  إلى جواز ذلك . ونكاح الأمة المؤمنة أفضل ، فحملوه على الفضل لا على الوجوب . واستدلوا على أن الإيمان ليس بشرط بكونه   [ ص: 220 ] وصف به الحرائر في قوله : أن ينكح المحصنات المؤمنات  ، وليس بشرط فيهن اتفاقا ، لكنه أفضل . 
وقال  ابن عباس    : وسع الله على هذه الأمة بنكاح الأمة ، واليهودية ، والنصرانية   . وقد اختلف السلف في ذلك اختلافا كثيرا ، روي عن  ابن عباس  ، و جابر  ،  وابن جبير  ، و  الشعبي  ، و مكحول    : لا يتزوج الأمة إلا من لا يجد طولا للحرة ، وهذا هو ظاهر القرآن . وروي عن مسروق  ، و  الشعبي    : أن نكاحها بمنزلة الميتة والدم ولحم الخنزير ، يعني : أنه يباح عند الضرورة . وروي عن علي  ، وأبي جعفر  ، و مجاهد  ،  وابن المسيب  ، و إبراهيم  ، و الحسن  ، و  الزهري    : أن له نكاحها ، وإن كان موسرا . وروي عن عطاء  ، و  جابر بن زيد    : أنه يتزوجها إن خشي أن يزني بها ، ولو كان تحته حرة . قال عطاء    : يتزوج الأمة على الحرة . وقال  ابن مسعود    : لا يتزوجها عليها إلا المملوك . وقال عمر  ، و علي  ،  وابن المسيب  ، و مكحول  في آخرين : لا يتزوجها عليها . وهذا الذي يقتضيه النظر ، لأن القرآن دل على أنه لا ينكح الأمة إلا من لا يجد طولا للحرة . فإذا كانت تحته حرة ، فبالأولى أن لا يجوز له نكاح الأمة ، لأن وجدان الطول للحرة إنما هو سبب لتحصيلها ، فإذا كانت حاصلة كان أولى بالمنع . وقال إبراهيم    : يتزوج الأمة على الحرة إن كان له من الأمة ولد . وقال  ابن المسيب    : لا ينكحها عليها إلا أن تشاء الحرة ، ويقسم للحرة يومين ، وللأمة يوما ، وظاهر قوله : فمن ما ملكت أيمانكم  جواز نكاح عادم طول الحرة المؤمنة أربعا من الإماء إن شاء . وروي عن  ابن عباس    : أنه لا يتزوج من الإماء أكثر من واحدة ، وإذا لم يكن شرطا في الأمة الإيمان ، فظاهر قوله : فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم  أنه لو كانت الكتابية مولاها كافر لم يجز نكاحها ، لأنه خاطب بقوله : فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات  ، فاختص بفتيات المؤمنين ، وروي عن أبي يوسف    : جواز ذلك على كراهة . وإذا لم يكن الإيمان شرطا في نكاح الأمة ، فالظاهر جواز نكاح الأمة الكافرة  مطلقا ، سواء كانت كتابية ، أو مجوسية ، أو وثنية ، أم غير ذلك من أنواع الكفار . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					