علمه البيان   خبر ثالث تضمن الاعتبار بنعمة الإبانة عن المراد والامتنان بها بعد الامتنان بنعمة الإيجاد ، أي : علم جنس الإنسان أن يبين عما في نفسه ليفيده غيره ويستفيد هو . 
والبيان : الإعراب عما في الضمير من المقاصد والأغراض وهو النطق وبه تميز الإنسان عن بقية أنواع الحيوان فهو من أعظم النعم . 
وأما البيان من غير النطق من إشارة وإيماء ولمح النظر فهو أيضا من مميزات الإنسان وإن كان دون بيان النطق . 
ومعنى تعليم الله الإنسان البيان : أنه خلق فيه الاستعداد لعلم ذلك وألهمه وضع اللغة للتعارف ، وقد تقدم عند قوله تعالى وعلم آدم الأسماء كلها  في سورة البقرة . 
وفي الإشارة إلى أن نعمة البيان أجل النعم على الإنسان  ، فعد نعمة التكاليف الدينية وفيه تنويه بالعلوم الزائدة في بيان الإنسان وهي خصائص اللغة وآدابها . 
ومجيء المسند فعلا بعد المسند إليه لإفادة تقوي الحكم . 
وفيه من التبكيت ما علمته آنفا ، ووجهه أنهم لم يشكروه على نعمة البيان إذ   [ ص: 234 ] صرفوا جزءا كبيرا من بيانهم فيما يلهيهم عن إفراد الله بالعبادة وفيما ينازعون به من يدعوهم إلى الهدى . 
				
						
						
