ويخلق ما لا تعلمون   اعتراض في آخر الكلام ، أو في وسطه على ما سيأتي . 
و ( يخلق ) مضارع مراد به زمن الحال لا الاستقبال ، أي هو الآن يخلق ما لا تعلمون أيها الناس مما هو مخلوق لنفعهم ، وهم لا يشعرون به ، فكما خلق لهم الأنعام والكراع ، خلق لهم ويخلق لهم خلائق أخرى لا يعلمونها   [ ص: 111 ] الآن ، فيدخل في ذلك ما هو غير معهود أو غير معلوم للمخاطبين وهو معلوم عند أمم أخرى ; كالفيل عند الحبشة  والهنود  ، وما هو غير معلوم لأحد ثم يعلمه الناس من بعد مثل دواب الجهات القطبية ; كالفقمة ، والدب الأبيض ، ودواب القارة الأمريكية التي كانت مجهولة للناس في وقت نزول القرآن ، فيكون المضارع مستعملا في الحال للتجديد ، أي هو خالق ويخلق . 
ويدخل فيه كما قيل ما يخلقه الله من المخلوقات في الجنة ، غير أن ذلك خاص بالمؤمنين ، فالظاهر أنه غير مقصود من سياق الامتنان العام للناس المتوسل به إلى إقامة الحجة على كافري النعمة    . 
فالذي يظهر لي أن هذه الآية من معجزات القرآن الغيبية العلمية ، وأنها إيماء إلى أن الله سيلهم البشر اختراع مراكب هي أجدى عليهم من الخيل والبغال والحمير ، وتلك العجلات التي يركبها الواحد ويحركها برجليه وتسمى ( بسكلات ) ، وأرتال السكك الحديدية ، والسيارات المسيرة بمصفى النفط وتسمى أطوموبيل ، ثم الطائرات التي تسير بالنفط المصفى في الهواء ، فكل هذه مخلوقات نشأت في عصور متتابعة لم يكن يعلمها من كانوا قبل عصر وجود كل منها . 
وإلهام الله الناس لاختراعها هو ملحق بخلق الله ، فالله هو الذي ألهم المخترعين من البشر بما فطرهم عليه من الذكاء والعلم وبما تدرجوا في سلم الحضارة ، واقتباس بعضهم من بعض إلى اختراعها ، فهي بذلك مخلوقة لله تعالى ; لأن الكل من نعمته . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					