رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء   ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب  
جملة مستأنفة من تمام دعائه ، وفعل اجعلني مستعمل في التكوين ، كما تقدم آنفا ، أي اجعلني في المستقبل مقيم الصلاة . 
والإقامة : الإدامة ، وتقدم في صدر سورة البقرة . 
ومن ذريتي : صفة لموصوف محذوف معطوف على ياء المتكلم ، والتقدير : واجعل مقيمين للصلاة من ذريتي . 
و ( من ) ابتدائية وليست للتبعيض ; لأن إبراهيم    - عليه السلام - لا يسأل الله إلا أكمل ما يحبه لنفسه ولذريته ، ويجوز أن تكون ( من ) للتبعيض بناء على أن الله أعلمه بأن يكون من ذريته فريق يقيمون الصلاة وفريق لا يقيمونها ، أي : لا يؤمنون ، وهذا وجه ضعيف ; لأنه يقتضي أن يكون الدعاء تحصيلا لحاصل ، وهو بعيد ، وكيف وقد قال واجنبني وبني أن نعبد الأصنام  ولم يقل : ومن بني . 
ودعاؤه بتقبل دعائه ضراعة بعد ضراعة    . 
وحذفت ياء المتكلم في ( دعاء ) في قراءة الجمهور تخفيفا كما تقدم في قوله تعالى وإليه متاب  في سورة الرعد ، وقرأ ابن كثير ،  وأبو عمرو ،  وحمزة  بإثبات الياء ساكنة . 
ثم دعا بالمغفرة لنفسه وللمؤمنين ولوالديه ما تقدم منه ومن المؤمنين قبل نبوءته وما استمر عليه أبوه بعد دعوته من الشرك ، أما أمه فلعلها توفيت   [ ص: 245 ] قبل نبوءته ، وهذا الدعاء لأبويه قبل أن يتبين له أن أباه عدو لله كما في آية سورة براءة . 
ومعنى يقوم الحساب    : يثبت ، استعير القيام للثبوت تبعا لتشبيه الحساب بإنسان قائم ; لأن حالة القيام أقوى أحوال الإنسان إذ هو انتصاب للعمل ، ومنه قولهم : قامت الحرب على ساق ، إذا قويت واشتدت ، وقولهم : ترجلت الشمس ، إذا قوي ضوءها ، وتقدم عند قوله تعالى ويقيمون الصلاة  في أول سورة البقرة . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					