[ ص: 283 ] سنة تسع وثلاثين 
فيها كانت وقعة الخوارج  بحروراء بالنخيلة  ، قاتلهم علي  رضي الله عنه فكسرهم ، وقتل رءوسهم ، وسجد شكرا لله تعالى لما أتي بالمخدج  إليه مقتولا ، وكان رءوس الخوارج  زيد بن حصن الطائي  ، وشريح بن أوفى العبسي  ، وكانا على المجنبتين ، وكان رأسهم عبد الله بن وهب السبئي  ، وكان على رجالتهم حرقوص بن زهير   . 
وفيها بعث معاوية   يزيد بن شجرة الرهاوي  ليقيم الحج  ، فنازعه  قثم بن العباس  ومانعه ، وكان من جهة علي  ، فتوسط بينهما أبو سعيد الخدري  وغيره ، فاصطلحا ، على أن يقيم الموسم شيبة بن عثمان العبدري  حاجب الكعبة   . 
وقيل : توفي فيها أم المؤمنين ميمونة   ، وحسان بن ثابت الأنصاري   ، وسيأتيان . وكان علي  قد تجهز يريد معاوية  ، فرد من عانات  ، واشتغل بحرب الخوارج الحرورية  ، وهم العباد والقراء من أصحاب علي الذين مرقوا من الإسلام ، وأوقعهم الغلو في الدين إلى تكفير العصاة بالذنوب  ، وإلى قتل النساء والرجال ، إلا من اعترف لهم بالكفر وجدد إسلامه . 
ابن سعد   : أخبرنا محمد بن عمر  ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن أبي الموالي  ، عن  عبد الله بن محمد بن عقيل  ، سمع  محمد ابن الحنفية  يقول : كان أبي يريد الشام  ، فجعل يعقد لواءه ، ثم يحلف لا يحله حتى  [ ص: 284 ] يسير ، فيأبى عليه الناس ، وينتشر عليه رأيهم ، ويجبنون فيحله ويكفر عن يمينه ، فعل ذلك أربع مرات ، وكنت أرى حالهم فأرى ما لا يسرني ، فكلمت المسور بن مخرمة  يومئذ ، وقلت : ألا تكلمه أين يسير بقوم - لا والله - ما أرى عندهم طائلا ؟ قال : يا أبا القاسم يسير لأمر قد حم ، قد كلمته فرأيته يأبى إلا المسير . قال  ابن الحنفية   : فلما رأى منهم ما رأى ، قال : اللهم إني قد مللتهم وملوني ، وأبغضتهم وأبغضوني فأبدلني بهم خيرا منهم ، وأبدلهم بي شرا مني  . 
				
						
						
