وقال  محمد بن سيرين   : ما أعلم أحدا يتهم عليا  في قتل عثمان  ، وقتل وإن الدار غاصة ، فيهم ابن عمر  ،  والحسن بن علي  ، ولكن عثمان  عزم عليهم أن لا يقاتلوا . 
ومن وجه آخر ، عن ابن سيرين  ، قال : انطلق الحسن  والحسين   وابن عمر  ، ومروان  ، وابن الزبير  ، كلهم شاك السلاح ، حتى دخلوا على عثمان  ، فقال : أعزم عليكم لما رجعتم فوضعتم أسلحتكم ولزمتم بيوتكم ، فقال ابن الزبير  ، ومروان   : نحن نعزم على أنفسنا أن لا نبرح  . وخرج الآخرون . 
وقال ابن سيرين : كان مع عثمان  يومئذ في الدار سبعمائة ، لو يدعهم لضربوهم حتى يخرجوهم من أقطارها . 
وروي أن الحسن بن علي  ما راح حتى جرح . 
وقال عبد الله بن الزبير   : قلت لعثمان   : قاتلهم ، فوالله لقد أحل الله  [ ص: 204 ] لك قتالهم ، فقال : لا أقاتلهم أبدا ، فدخلوا عليه وهو صائم . وقد كان عثمان  أمر ابن الزبير  على الدار ، وقال : أطيعوا عبد الله بن الزبير   . 
وقال ابن سيرين   : جاء  زيد بن ثابت  في ثلاث مائة من الأنصار  ، فدخل على عثمان ، فقال : هذه الأنصار  بالباب . فقال : أما القتال فلا . 
وقال أبو صالح  ، عن  أبي هريرة  ، قال : دخلت على عثمان  يوم الدار ، فقلت : طاب الضرب . فقال : أيسرك أن يقتل الناس جميعا وأنا معهم ؟ قلت : لا ؛ قال : فإنك إن قتلت رجلا واحدا ، فكأنما قتلت الناس جميعا . فانصرفت ولم أقاتل . 
وعن أبي عون مولى المسور  ، قال : ما زال المصريون كافين عن القتال ، حتى قدمت أمداد العراق  من عند ابن عامر  ، وأمداد ابن أبي سرح  من مصر  ، فقالوا : نعاجله قبل أن تقدم الأمداد . 
وعن مسلم أبي سعيد  ، قال : أعتق عثمان  عشرين مملوكا ، ثم دعا بسراويل ، فشدها عليه ، ولم يلبسها في جاهلية ولا إسلام ، وقال : إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم البارحة ، وأبا بكر  ، وعمر  ، فقال : " اصبر فإنك تفطر عندنا القابلة " ثم نشر المصحف بين يديه ، فقتل وهو بين يديه . 
وقال ابن عون  ، عن الحسن   : أنبأني وثاب مولى عثمان  ، قال : جاء رويجل كأنه ذئب ، فاطلع من باب ، ثم رجع ، فجاء محمد بن أبي بكر في ثلاثة عشر رجلا ، فدخل حتى انتهى إلى عثمان  ، فأخذ بلحيته ، فقال بها حتى سمعت وقع أضراسه ، فقال : ما أغنى عنك معاوية  ، ما أغنى عنك ابن عامر  ، ما أغنت عنك كتبك . فقال : أرسل لحيتي يا بن أخي . قال : فأنا رأيته استعدى رجلا من القوم عليه يعينه ، فقام إلى عثمان  بمشقص ، حتى وجأ به في رأسه ، ثم تعاوروا عليه حتى قتلوه . 
 [ ص: 205 ] وعن ريطة مولاة أسامة ،  قالت : كنت في الدار ، إذ دخلوا ، فجاء محمد  فأخذ بلحية عثمان  فهزها ، فقال : يا بن أخي دع لحيتي فإنك لتجذب ما يعز على أبيك أن تؤذيها . فرأيته كأنه استحيى ، فقام ، فجعل بطرف ثوبه هكذا : ألا ارجعوا ألا ارجعوا . قالت : وجاء رجل من خلف عثمان  بسعفة رطبة ، ضرب بها جبهته فرأيت الدم يسيل ، وهو يمسح ويقول : " اللهم لا يطلب بدمي غيرك " وجاء آخر فضربه بالسيف على صدره فأقعصه ، وتعاوروه بأسيافهم ، فرأيتهم ينتهبون بيته . 
وقال مجالد  ، عن الشعبي  ، قال : جاء رجل من تجيب من المصريين ، والناس حول عثمان  ، فاستل سيفه ، ثم قال : أفرجوا ، ففرجوا له ، فوضع ذباب سيفه في بطن عثمان  ، فأمسكت نائلة بنت الفرافصة  زوجة عثمان  السيف لتمنع عنه ، فحز السيف أصابعها . 
وقيل : الذي قتله رجل يقال له حمار   . 
وقال الواقدي   : حدثني عبد الرحمن بن عبد العزيز  ، عن عبد الرحمن بن محمد بن عبد  ، أن محمد بن أبي بكر  تسور من دار عمرو بن حزم  على عثمان  ، ومعه كنانة بن بشر  ، وسودان  ، وعمرو بن الحمق  ، فوجدوه عند نائلة  يقرأ في المصحف ، فتقدمهم محمد  ، فأخذ بلحيته ، وقال : يا نعثل قد أخزاك الله ، فقال : لست بنعثل ولكنني عبد الله ، وأمير المؤمنين ، فقال محمد   : ما أغنى عنك معاوية  وفلان وفلان ، قال : يا بن أخي دع لحيتي ، فما كان أبوك ليقبض على ما قبضت ، فقال : ما يراد بك أشد من قبضتي ، وطعن جنبه بمشقص ، ورفع كنانة  مشاقص فوجأ بها في أذن عثمان  ، فمضت حتى دخلت في حلقه ، ثم علاه  [ ص: 206 ] بالسيف ، قال عبد الرحمن بن عبد العزيز   : فسمعت ابن أبي عون  يقول : ضرب كنانة بن بشر  جبينه بعمود حديد ، وضربه سودان المرادي  فقتله ، ووثب عليه عمرو بن الحمق  ، وبه رمق ، وطعنه تسع طعنات ، وقال : ثلاث لله ، وست لما في نفسي عليه . 
وعن المغيرة  ، قال : حصروه اثنين وعشرين يوما ، ثم أحرقوا الباب ، فخرج من في الدار . 
وقال سليمان التيمي  ، عن  أبي نضرة  ، عن أبي سعيد مولى أبي أسيد  ، قال : فتح عثمان  الباب ووضع المصحف بين يديه ، فدخل عليه رجل ، فقال : بيني وبينك كتاب الله ، فخرج وتركه ، ثم دخل عليه آخر ، فقال : بيني وبينك كتاب الله ، فأهوى إليه بالسيف ، فاتقاه بيده فقطعها ، فقال : أما والله إنها لأول كف خطت المفصل ، ودخل عليه رجل يقال له : الموت الأسود ، فخنقه قبل أن يضرب بالسيف ، قال : فوالله ما رأيت شيئا ألين من حلقه ، فقد خنقته حتى رأيت نفسه مثل الجان تردد في جسده . 
وعن الزهري  ، قال : قتل عند صلاة العصر ، وشد عبد لعثمان  على كنانة بن بشر  فقتله ، وشد سودان  على العبد فقتله . 
وقال أبو نضرة  ، عن أبي سعيد  ، قال : ضربوه فجرى الدم على المصحف على : فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم   [ البقرة ] . 
وقال عمران بن حدير  ، إلا يكن عبد الله بن شقيق  حدثني : أن أول  [ ص: 207 ] قطرة قطرت من دمه على : فسيكفيكهم الله فإن أبا حريث  ذكر أنه ذهب هو وسهيل المري  ، فأخرجوا إليه المصحف ، فإذا قطرة الدم على فسيكفيكهم الله قال : فإنها في المصحف ما حكت . 
				
						
						
