وقال حبيب بن أبي ثابت  ، عن  أبي جعفر محمد بن علي   : إن عثمان  بعث إلى علي  يدعوه وهو محصور ، فأراد أن يأتيه ، فتعلقوا به ومنعوه ، فحسر عمامة سوداء عن رأسه وقال : اللهم لا أرضى قتله ولا آمر به  . 
وعن  أبي إدريس الخولاني  ، قال : أرسل عثمان  إلى سعد  ، فأتاه ، فكلمه ، فقال له سعد   : أرسل إلى علي  ، فإن أتاك ورضي صلح الأمر . قال : فأنت رسولي إليه ، فأتاه ، فقام معه علي  ، فمر بمالك الأشتر  ، فقال الأشتر  لأصحابه : أين يريد هذا ؟ قالوا : يريد عثمان  ، فقال : والله لئن  [ ص: 201 ] دخل عليه لتقتلن عن آخركم ، فقام إليه في أصحابه حتى اختلجه عن سعد  وأجلسه في أصحابه ، وأرسل إلى أهل مصر    : إن كنتم تريدون قتله فأسرعوا . فدخلوا عليه فقتلوه . 
وعن أبي حبيبة  ، قال : لما اشتد الأمر ، قالوا لعثمان  يعني الذين عنده في الدار ائذن لنا في القتال ، فقال : أعزم على من كانت لي عليه طاعة أن لا يقاتل  . 
أبو حبيبة هو مولى الزبير  ، روى عنه  موسى بن عقبة   . 
وقال محمد بن سعد   : حدثنا محمد بن عمر  ، قال : حدثني شرحبيل بن أبي عون  ، عن أبيه . وحدثني عبد الحميد بن عمران  ، عن أبيه ، عن  مسور بن مخرمة   . [ ح ] وحدثني موسى بن يعقوب  ، عن عمه ، عن ابن الزبير   . [ ح ] وحدثنا ابن أبي حبيبة  ، عن  داود بن الحصين  ، عن عكرمة  ، عن ابن عباس  ، قالوا : بعث عثمان  المسور بن مخرمة إلى معاوية  يعلمه أنه محصور ، ويأمره أن يجهز إليه جيشا سريعا . فلما قدم على معاوية  ، ركب معاوية  لوقته هو ومسلم بن عقبة  ،  ومعاوية بن حديج  ، فساروا من دمشق  إلى عثمان  عشرا . فدخل معاوية  نصف الليل ، وقبل رأس عثمان  ، فقال : أين الجيش ؟ قال : ما جئت إلا في ثلاثة رهط . فقال عثمان   : لا وصل الله رحمك ، ولا أعز نصرك ، ولا جزاك خيرا ، فوالله لا أقتل إلا فيك ، ولا ينقم علي إلا من أجلك . فقال : بأبي أنت وأمي ، لو بعثت إليك جيشا فسمعوا به عاجلوك فقتلوك ، ولكن معي نجائب ، فاخرج معي ، فما شعر بي أحد ، فوالله ما هي إلا ثلاث حتى نرى معالم الشام   . فقال : بئس ما أشرت به ، وأبى أن يجيبه .  [ ص: 202 ] فأسرع معاوية  راجعا ، ورد المسور  يريد المدينة  فلقي معاوية  بذي المروة  راجعا ، وقدم على عثمان  وهو ذام لمعاوية  غير عاذر له . 
فلما كان في حصره الآخر ، بعث المسور  ثانيا إلى معاوية  لينجده ، فقال : إن عثمان  أحسن فأحسن الله به ، ثم غير فغير الله به ، فشددت عليه ، فقال : تركتم عثمان  حتى إذا كانت نفسه في حنجرته قلتم : اذهب فادفع عنه الموت ، وليس ذلك بيدي ، ثم أنزلني في مشربة على رأسه ، فما دخل علي  داخل حتى قتل عثمان   . 
وأما سيف بن عمر  ، فروى عن أبي حارثة وأبي عثمان  ، قالا : لما أتى معاوية  الخبر أرسل إلى  حبيب بن مسلمة الفهري  ، فقال : أشر علي برجل منفذ لأمري ولا يقصر ، قال : ما أعرف لذاك غيري ، قال : أنت لها ، وجعل على مقدمتهيزيد بن شجعة الحميري  في ألف ، وقال : إن قدمت يا حبيب  وقد قتل ، فلا تدعن أحدا أشار إليه ولا أعان عليه إلا قتلته ، وإن أتاك الخبر قبل أن تصل ، فأقم حتى أنظر ، وبعث يزيد بن شجعة  في ألف على البغال ، يقودون الخيل ، معهم الإبل عليها الروايا فأغذ السير ، فأتاه قتله بقرب خيبر   . ثم أتاه النعمان بن بشير  ، معه القميص الذي قتلوه فيه ، فيه الدماء وأصابع امرأته نائلة  ، قد قطعوها بضربة سيف ، فرجعوا ، فنصب معاوية  القميص على منبر دمشق ،  والأصابع معلقة فيه ، وآلى رجال من أهل الشام   لا يأتون النساء ولا يمسون الغسل إلا من حلم ، ولا ينامون على فراش حتى يقتلوا قتلة عثمان  ، أو تفنى أرواحهم ، وبكوه سنة . 
وقال الأوزاعي   : حدثني محمد بن عبد الملك بن مروان  ، أن المغيرة بن شعبة  ، دخل على عثمان  وهو محصور ، فقال : إنك إمام العامة ،  [ ص: 203 ] وقد نزل بك ما ترى ، وإني أعرض عليك خصالا : إما أن تخرج فتقاتلهم ، فإن معك عددا وقوة ، وإما أن تخرق لك بابا سوى الباب الذي هم عليه ، فتقعد على رواحلك فتلحق بمكة  ، فإنهم لن يستحلوك وأنت بها ، وإما أن تلحق بالشام  ، فإنهم أهل الشام  ، وفيهم معاوية  ، فقال : إني لن أفارق دار هجرتي ، ولن أكون أول من خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمته بسفك الدماء . 
وقال نافع  ، عن ابن عمر   : أصبح عثمان  يحدث الناس ، قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم الليلة في المنام ، فقال : " أفطر عندنا غدا " فأصبح صائما ، وقتل من يومه  . 
				
						
						
