[ ص: 97 ] الحوادث في خلافة  عمر الفاروق  
 سنة أربع عشرة 
فيها فتحت دمشق  ، وحمص  ، وبعلبك  ، والبصرة  ، والأبلة  ، ووقعة جسر أبي عبيد   بأرض نجران  ، ووقعة فحل بالشام  ، في قول ابن الكلبي   . 
فأما دمشق  فقال الوليد بن هشام  ، عن أبيه ، عن جده ، قال : كان خالد  على الناس فصالح أهل دمشق   ، فلم يفرغ من الصلح حتى عزل وولي أبو عبيدة  ، فأمضى صلح خالد  ولم يغير الكتاب . 
وهذا غلط ؛ لأن عمر  عزل خالدا  حين ولي . قاله خليفة بن خياط  ، وقال : حدثني عبد الله بن المغيرة  ، عن أبيه ، قال : صالحهم أبو عبيدة  على أنصاف كنائسهم ومنازلهم وعلى رءوسهم ، وأن لا يمنعوا من أعيادهم . 
وقال ابن الكلبي   : كان الصلح يوم الأحد للنصف من رجب سنة أربع عشرة ، صالحهم أبو عبيدة   . وقال ابن إسحاق   : صالحهم أبو عبيدة  في رجب . 
وقال ابن جرير :  سار أبو عبيدة  إلى دمشق  ، وخالد  على مقدمة الناس ، وقد اجتمعت الروم  على رجل يقال له باهان  بدمشق  ، وكان عمر  عزل خالدا  واستعمل أبا عبيدة  على الجميع ، والتقى المسلمون والروم   [ ص: 98 ] فيما حول دمشق  ، فاقتتلوا قتالا شديدا ، ثم هزم الله الروم  ، ودخلوا دمشق  وغلقوا أبوابها ، ونازلها المسلمون حتى فتحت ، وأعطوا الجزية ، وكان قدم الكتاب على أبي عبيدة  بإمارته وعزل خالد  ، فاستحيا أبو عبيدة  أن يقرئ خالدا  الكتاب حتى فتحت دمشق  وجرى الصلح على يدي خالد  ، وكتب الكتاب باسمه ، فلما صالحت دمشق  لحق باهان  بصاحب الروم  هرقل  ، وقيل : كان حصار دمشق  أربعة أشهر  . 
وقال محمد بن إسحاق   : إن عمر  كان واجدا على خالد بن الوليد  لقتله ابن نويرة  ، فكتب إلى أبي عبيدة  أن انزع عمامته وقاسمه ماله ، فلما أخبره ، قال : ما أنا بالذي أعصي أمير المؤمنين ، فاصنع ما بدا لك ، فقاسمه حتى أخذ نعله الواحدة  . 
وقال ابن جرير   : كان أول محصور بالشام  أهل فحل   ثم أهل دمشق   ، وبعث أبو عبيدة  ذا الكلاع  حتى كان بين دمشق  وحمص  ردءا ، وحصروا دمشق  ، فكان أبو عبيدة  على ناحية ، ويزيد بن أبي سفيان  على ناحية ،  وعمرو بن العاص  على ناحية ، وهرقل  يومئذ على حمص  ، فحاصروا أهل دمشق   نحوا من سبعين ليلة حصارا شديدا بالمجانيق ، وجاءت جنود هرقل  نجدة لدمشق  ، فشغلتها الجنود التي مع ذي الكلاع  ، فلما أيقن أهل دمشق   أن الأمداد لا تصل إليهم فشلوا ووهنوا . 
وكان صاحب دمشق  قد جاءه مولود فصنع طعاما واشتغل يومئذ ،  وخالد بن الوليد  لا ينام ولا ينيم قد هيأ حبالا كهيئة السلالم ، فلما أمسى هيأ أصحابه وتقدم هو والقعقاع بن عمرو  ، ومذعور بن عدي  وأمثالهم وقالوا : إذا سمعتم تكبيرنا على السور فارقوا إلينا وانهدوا الباب ، قال :  [ ص: 99 ] فلما انتهى خالد  ورفقاؤه إلى الخندق رموا بالحبال إلى الشرف ، وعلى ظهورهم القرب التي سبحوا بها في الخندق . وتسلق القعقاع  ومذعور  فلم يدعا أحبولة إلا أثبتاها في الشرف ، وكان ذلك المكان أحصن مكان بدمشق  ، فاستوى على السور خلق من أصحابه ثم كبروا ، وانحدر خالد  إلى الباب فقتل البوابين ، وثار أهل البلد إلى مواقفهم لا يدرون ما الشأن ، فتشاغل أهل كل جهة بما يليهم ، وفتح خالد الباب ودخل أصحابه عنوة ، وقد كان المسلمون دعوهم إلى الصلح والمشاطرة فأبوا ، فلما رأوا البلاء بذلوا الصلح ، فأجابهم من يليهم ، وقبلوا ، فقالوا : ادخلوا وامنعونا من أهل ذاك الباب ، فدخل أهل كل باب بصلح ما يليهم ، فالتقى خالد  والأمراء في وسط البلد ، هذا استعراضا ونهبا ، وهؤلاء صلحا ، فأجروا ناحية خالد  على الصلح بالمقاسمة . وكتب إلى عمر  بالفتح . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					