قدوم  جعفر بن أبي طالب  ومن معه  
 البخاري  ومسلم  قالا : حدثنا أبو كريب ،  قال : حدثنا أبو أسامة ،  قال : حدثني بريد ،  عن أبي بردة ،  عن  أبي موسى الأشعري ،  قال : 
بلغنا مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن باليمن ، فخرجنا مهاجرين إليه ، أنا وأخوان لي أنا أصغرهم ، أحدهما أبو رهم ،  والآخر أبو بردة ،  إما قال : بضع ، وإما قال : في ثلاثة ، أو اثنين وخمسين رجلا من قومي . فركبنا سفينة ، فألقتنا سفينتنا إلىالنجاشي  بالحبشة . فوافقنا  جعفر بن أبي طالب  وأصحابه عنده . فقال جعفر   : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثنا وأمرنا ; يعني بالإقامة ; فأقيموا معنا ، فأقمنا معه ، حتى قدمنا جميعا ، فوافقنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فتح خيبر . فأسهم لنا ، وما قسم لأحد غاب عن فتح خيبر شيئا إلا لمن شهد معه ، إلا أصحاب سفينتنا ، مع جعفر  وأصحابه ، قسم لهم معهم . 
قال : فكان أناس من الناس يقولون لنا : سبقناكم بالهجرة . 
قال : ودخلت  أسماء بنت عميس ;  وهي ممن قدمت معنا ; على حفصة  زوج النبي صلى الله عليه وسلم زائرة وقد كانت هاجرت إلى النجاشي   . فدخل عمر  على حفصة  وأسماء  عندها ، فقال عمر  حين رأى أسماء   : من هذه ؟ فقالت :  أسماء بنت عميس   . قال عمر   : آلحبشية هذه ؟ آلبحرية هذه ؟ فقالت أسماء   : نعم ؛ فقال عمر   : سبقناكم بالهجرة ، نحن أحق برسول الله صلى الله عليه وسلم فغضبت ، فقالت كلمة : يا عمر   ! كلا والله ، كنتم مع رسول الله  [ ص: 83 ] صلى الله عليه وسلم يطعم جائعكم ويعظ جاهلكم ، وكنا في دار- أو أرض- البعداء ، أو البغضاء بالحبشة ، وذلك في الله وفي رسوله ، وايم الله لا أطعم طعاما ولا أشرب شرابا حتى أذكر ما قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونحن كنا نؤذى ونخاف ، وسأذكر له ذلك وأسأله . فلما جاء قالت : يا نبي الله ، إن عمر  قال كذا وكذا . قال : " ليس بأحق بي منكم ، له ولأصحابه هجرة واحدة ، ولكم أنتم - أهل السفينة - هجرتان  " قالت : فلقد رأيت أبا موسى  وأصحاب السفينة يأتوني أرسالا ، يسألونني عن هذا الحديث ، ما من الدنيا شيء هم به أفرح ولا أعظم في أنفسهم مما قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال أبو بردة   : قالت أسماء   : فلقد رأيت أبا موسى  وإنه ليستعيد هذا الحديث مني . وقال : لكم الهجرة مرتين ، هاجرتم إلى النجاشي  وهاجرتم إلي . 
وقال أجلح بن عبد الله ،  عن الشعبي ،  قال : لما قدم جعفر  من الحبشة  تلقاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبل جبهته ، ثم قال : " والله ما أدري بأيهما أفرح ، بفتح خيبر  أم بقدوم جعفر   . وبعضهم يقول : عن أجلح ،  عن الشعبي ،  عن جابر   . 
وقال ابن عيينة   : حدثنا الزهري ،  أنه سمع عنبسة بن سعيد القرشي  يحدث عن  أبي هريرة ،  قال : قدمت المدينة  ورسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر  حين افتتحها ، فسألته أن يسهم لي . فتكلم بعض ولد سعيد بن العاص  فقال : لا تسهم له يا رسول الله . فقلت : هذا قاتل ابن قوقل .  فقال : أظنه ابن سعيد بن العاص   : يا عجبي لوبر قد تدلى علينا من قدوم ضال يعيرني بقتل امريء مسلم أكرمه الله على يدي ، ولم يهني على يديه . 
 [ ص: 84 ] هذا لفظ أبي داود  ، وأخرجه  البخاري  ، لكن قال : من قدوم ضأن . 
وقال إسماعيل بن عياش ،  عن الزبيدي ،  عن الزهري   : أخبرني عنبسة بن سعيد ،  أنه سمع  أبا هريرة  يخبر سعيد بن العاص ،  قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبانا  على سرية قبل نجد ،  فقدم أبان  وأصحابه على رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر  بعد فتحها ، وإن حزم خيلهم لليف ، فقلت : يا رسول الله لا تقسم لهم . فقال أبان   : وأنت بهذا يا وبر تحدر من رأس ضال . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا أبان ،  اجلس . فلم يقسم لهم . علقه  البخاري  في صحيحه ، فقال : ويذكر عن الزبيدي   . 
وقال  موسى بن عقبة ،  عن ابن شهاب ،  قال : كانت بنو فزارة  ممن قدم على أهل خيبر  ليعينوهم ، فراسلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يعينوهم ، وسألهم أن يخرجوا عنهم ، ولكم من خيبر  كذا وكذا . فأبوا عليه . فلما فتح الله خيبر ،  أتاه من كان هنالك من بني فزارة ،  قالوا : حظنا والذي وعدتنا . فقال : " حظكم " ; أو قال : لكم ذو الرقيبة - لجبل من جبال خيبر   - قالوا : إذا نقاتلك . فقال : " موعدكم جنفاء   " . فلما سمعوا ذلك هربوا . جنفاء   : ماء من مياه بني فزارة   . 
وقال  البخاري   : حدثنا مكي بن إبراهيم ،  قال : حدثنا  يزيد بن أبي عبيد ،  قال : رأيت أثر ضربة في ساق سلمة  فقلت : يا أبا مسلم ،  ما هذه الضربة ؟ فقال : هذه ضربة أصابتني يوم خيبر ،  فقال الناس : أصيب  [ ص: 85 ] سلمة ،  فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فنفث فيه ثلاث نفثات ، فما اشتكيتها حتى الساعة . 
وقال عبد العزيز بن أبي حازم ،  عن أبيه ، عن سهل ،  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم التقى هو والمشركون في بعض مغازيه ، فاقتتلوا . فمال كل قوم إلى عسكرهم ، وفي المسلمين رجل لا يدع للمشركين شاذة ولا فاذة إلا اتبعها يضربها بسيفه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أما إنه من أهل النار " فقالوا : أينا من أهل الجنة إن كان هذا من أهل النار ؟ فقال رجل : والله لا يموت على هذه الحال أبدا ، فاتبعه حتى جرح ، فاشتدت جراحته واستعجل الموت ، فوضع سيفه بالأرض وذبابه بين ثدييه ، ثم تحامل عليه فقتل نفسه . فجاء الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أشهد أنك لرسول الله ، قال : " وما ذاك " ؟ فأخبره . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وإنه من أهل النار ، وإنه ليعمل بعمل أهل النار فيما يبدو للناس وإنه لمن أهل الجنة  " . متفق عليه . 
وأخرجه  البخاري  من حديث شعيب بن أبي حمزة ،  عن الزهري ،  عن ابن المسيب ،  عن  أبي هريرة ،  قال : شهدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر ،  فقال لرجل ; يعني النبي صلى الله عليه وسلم : إن هذا من أهل النار ، فلما حضر القتال قاتل الرجل . فذكر نحو حديث سهل بن سعد   . 
وقال  يحيى القطان  وغيره ، عن يحيى بن سعيد ،  عن محمد بن يحيى بن حبان ،  عن أبي عمرة ،  عن زيد بن خالد الجهني  أن رجلا توفي يوم خيبر ،  فذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال صلوا على صاحبكم فتغيرت وجوههم ، فقال إن صاحبكم غل في سبيل الله . ففتشنا متاعه ، فوجدنا  [ ص: 86 ] خرزا من خرز اليهود لا يساوي درهمين  . 
				
						
						
