[ ص: 646 ]  [ بلوغ مصاب قريش  إلى مكة     ] 
قال ابن هشام    : وكان أبو عزيز  صاحب لواء المشركين ببدر  بعد النضر بن الحارث  ، فلما قال أخوه  مصعب بن عمير  لأبي اليسر  ، وهو الذي أسره ، ما قال قال له أبو عزيز    : يا أخي ، هذه وصاتك بي ، فقال له مصعب    : إنه أخي دونك . فسألت أمه عن أغلى ما فدي به قرشي ، فقيل لها : أربعة آلاف درهم ، فبعثت بأربعة آلاف درهم ، ففدته بها . 
قال ابن إسحاق    : وكان أول من قدم مكة    ( بمصاب ) قريش  الحيسمان بن عبد الله الخزاعي  ، فقالوا : ما وراءك ؟ قال : قتل عتبة بن ربيعة  ، وشيبة بن ربيعة  ، وأبو الحكم بن هشام  ، وأمية بن خلف  ، وزمعة بن الأسود  ، ونبيه  ومنبه  ابنا الحجاج ، وأبو البختري بن هشام  ، فلما جعل يعدد أشراف قريش  ، قال صفوان بن أمية  ، وهو قاعد في الحجر : والله إن يعقل هذا فاسألوه عني ؛ فقالوا : ( و ) ما فعل صفوان بن أمية  ؟ قال : ها هو ذاك جالسا في الحجر ، وقد والله رأيت أباه وأخاه حين قتلا 
قال ابن إسحاق    : وحدثني حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس  ، عن  عكرمة مولى ابن عباس  ، قال : قال  أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم    : كنت غلاما  للعباس بن عبد المطلب  ، وكان الإسلام قد دخلنا أهل البيت  ، فأسلم العباس  وأسلمت أم الفضل  وأسلمت وكان العباس  يهاب قومه ويكره خلافهم وكان يكتم إسلامه ، وكان ذا مال كثير متفرق في قومه ، وكان أبو لهب  قد تخلف عن بدر  ، فبعث مكانه العاصي بن هشام بن المغيرة  ، وكذلك كانوا صنعوا ، لم يتخلف رجل إلا بعث مكانه رجلا ، فلما جاءه الخبر عن مصاب أصحاب بدر  من قريش  ، كبته الله وأخزاه ، ووجدنا في أنفسنا قوة وعزا .   [ ص: 647 ] قال : وكنت رجلا ضعيفا ، وكنت أعمل الأقداح . أنحتها في حجرة زمزم  ، فوالله إني لجالس فيها أنحت أقداحي ، وعندي أم الفضل  جالسة ، وقد سرنا ما جاءنا من الخبر ، إذ أقبل أبو لهب  يجر رجليه بشر ، حتى جلس على طنب الحجرة ، فكان ظهره إلى ظهري ، فبينما هو جالس إذ قال الناس : هذا  أبو سفيان ابن الحارث بن عبد المطلب    - قال ابن هشام    : واسم أبي سفيان  المغيرة - قد قدم قال : فقال أبو لهب    : هلم إلي ، فعندك لعمري الخبر ، قال : فجلس ( إليه ) والناس قيام عليه ، فقال : يا ابن أخي ، أخبرني كيف كان أمر الناس ؟ قال : والله ما هو إلا أن لقينا القوم فمنحناهم أكتافنا يقودوننا كيف شاءوا ، ويأسروننا كيف شاءوا ، وايم الله مع ذلك ما لمت الناس ، لقينا رجالا بيضا ، على خيل بلق ، بين السماء والأرض ، والله ما تليق شيئا ، ولا يقوم لها شيء . قال أبو رافع    : فرفعت طنب الحجرة بيدي ، ثم قلت : تلك والله الملائكة ؛ قال : فرفع أبو لهب  يده فضرب بها وجهي ضربة شديدة . قال : وشاورته فاحتملني فضرب بي الأرض ، ثم برك علي يضربني ، وكنت رجلا ضعيفا ، فقامت أم الفضل  إلى عمود من عمد الحجرة ، فأخذته فضربته به ضربة فعلت في رأسه شجة منكرة ، وقالت : استضعفته أن غاب عنه سيده ، فقام موليا ذليلا ، فوالله ما عاش إلا سبع ليال حتى رماه الله بالعدسة فقتلته 
				
						
						
