[ تغرير أبي جهل  والحارث  بعياش     ] 
فلما قدمنا المدينة  نزلنا في بني عمرو بن عوف  بقباء  ، وخرج أبو جهل بن هشام   [ ص: 475 ] والحارث بن هشام إلى عياش بن أبي ربيعة  ، وكان ابن عمهما وأخاهما لأمهما ، حتى قدما علينا المدينة  ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة  ، فكلماه وقالا : إن أمك قد نذرت أن لا يمس رأسها مشط حتى تراك ، ولا تستظل من شمس حتى تراك ، فرق لها ، فقلت له : يا عياش  ، إنه والله إن يريدك القوم إلا ليفتنوك عن دينك فاحذرهم ، فوالله لو قد آذى أمك القمل لامتشطت ، ولو قد اشتد عليها حر مكة  لاستظلت . قال : فقال : أبر قسم أمي ، ولي هنالك مال فآخذه . قال : فقلت : والله إنك لتعلم أني لمن أكثر قريش مالا ، فلك نصف مالي ولا تذهب معهما . قال : فأبى علي إلا أن يخرج معهما ؛ فلما أبى إلا ذلك ، قال : قلت له : أما إذ قد فعلت ما فعلت ، فخذ ناقتي هذه ، فإنها ناقة نجيبة ذلول ، فالزم ظهرها ، فإن رابك من القوم ريب ، فانج عليها . فخرج عليها معهما ، حتى إذا كانوا ببعض الطريق ، قال له أبو جهل    : يا ابن أخي ، والله لقد استغلظت بعيري هذا ، أفلا تعقبني على ناقتك هذه ؟ قال : بلى . قال : فأناخ ، وأناخا ليتحول عليها ، فلما استووا بالأرض عدوا عليه ، فأوثقاه وربطاه ، ثم دخلا به مكة  ، وفتناه فافتتن . 
قال ابن إسحاق    : فحدثني به بعض آل عياش بن أبي ربيعة    : أنهما حين دخلا به مكة  دخلا به نهارا موثقا ، ثم قالا : يا أهل مكة  ، هكذا فافعلوا بسفهائكم ، كما فعلنا بسفيهنا هذا . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					