بسم الله الرحمن الرحيم 
( يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم غير محلي الصيد وأنتم حرم إن الله يحكم ما يريد    ( 1 ) ) 
قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود     ) أي بالعهود ، قال الزجاج    : هي أوكد العهود ، يقال : عاقدت فلانا وعقدت عليه أي : ألزمته ذلك باستيثاق ، وأصله من عقد الشيء بغيره ووصله به ، كما   [ ص: 6 ] يعقد الحبل بالحبل [ إذا وصل ] . 
واختلفوا في هذه العقود ، قال  ابن جريج    : هذا خطاب لأهل الكتاب ، يعني : يا أيها الذين آمنوا بالكتب المتقدمة أوفوا بالعهود التي عهدتها إليكم في شأن محمد  صلى الله عليه وسلم ، وهو قوله : " وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس    " ( سورة آل عمران ، 187 ) . 
وقال الآخرون : هو عام ، وقال قتادة    : أراد بها الحلف الذي تعاقدوا عليه في الجاهلية ، وقال ابن مسعود  رضي الله عنه : هي عهود الإيمان والقرآن ، وقيل : هي العقود التي يتعاقدها الناس بينهم . 
( أحلت لكم بهيمة الأنعام    ) قال الحسن  وقتادة    : هي الأنعام كلها ، وهي الإبل والبقر والغنم ، وأراد تحليل ما حرم أهل الجاهلية على أنفسهم من الأنعام . 
وروى أبو ظبيان  عن ابن عباس  رضي الله عنهما قال : بهيمة الأنعام هي الأجنة ، ومثله عن الشعبي  قال : هي الأجنة التي توجد ميتة في بطون أمهاتها إذا ذبحت أو نحرت ، ذهب أكثر أهل العلم إلى تحليله . 
[ قال الشيخ الإمام ] قرأت على أبي عبد الله محمد بن الفضل الخرقي  فقلت : قرئ على أبي سهل محمد بن عمر بن طرفة  وأنت حاضر ، فقيل له : حدثكم أبو سليمان الخطابي  أنا أبو بكر بن داسة  أنا أبو داود السجستاني  أنا مسدد  أنا هشيم  عن مجالد  عن أبي الوداك  عن  أبي سعيد الخدري  رضي الله عنهم قال : قلنا : يا رسول الله ننحر الناقة ونذبح البقرة والشاة فنجد في بطنها الجنين ، أنلقيه أم نأكله؟ فقال : " كلوه إن شئتم فإن ذكاته ذكاة أمه "   . وروى أبو الزبير  عن جابر  عن رسول الله صلى الله عليه وسلم   [ ص: 7 ] قال : " ذكاة الجنين ذكاة أمه    " . 
وشرط بعضهم الإشعار ، قال ابن عمر    : ذكاة ما في بطنها في ذكاتها إذا تم خلقه ونبت شعره ، ومثله عن  سعيد بن المسيب    . 
وعند أبي حنيفة  رضي الله عنه لا يحل أكل الجنين إذا خرج ميتا بعد ذكاة الأم    . 
وقال الكلبي    : بهيمة الأنعام : وحشيها ، وهي الظباء وبقر الوحش ، سميت بهيمة لأنها أبهمت عن التمييز ، وقيل : لأنها لا نطق لها ، ( إلا ما يتلى عليكم    ) أي : ما ذكر في قوله : " حرمت عليكم الميتة " إلى قوله : " وما ذبح على النصب " ، ( غير محلي الصيد    ) وهو نصب على الحال ، أي : لا محلي الصيد ، ومعنى الآية : أحلت لكم بهيمة الأنعام كلها إلا ما كان منها وحشيا فإنه صيد لا يحل لكم في حال الإحرام ، فذلك قوله تعالى : ( وأنتم حرم إن الله يحكم ما يريد    ) . 
				
						
						
