[ ص: 95 ]   ( ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون    ( 118 ) ها أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور    ( 119 ) ) 
قوله تعالى : ( ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم    )  الآية قال ابن عباس  رضي الله عنهما : كان رجال من المسلمين يواصلون اليهود  لما بينهم من القرابة والصداقة والحلف والجوار والرضاع ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ينهاهم عن مباطنتهم خوف الفتنة عليهم . 
وقال مجاهد    : نزلت في قوم من المؤمنين كانوا يصافون المنافقين ، فنهاهم الله تعالى عن ذلك فقال : ( ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم    ) أي : أولياء وأصفياء من غير أهل ملتكم ، وبطانة الرجل : خاصته تشبيها ببطانة الثوب التي تلي بطنه لأنهم يستبطنون أمره ويطلعون منه على ما لا يطلع عليه غيرهم . 
ثم بين العلة في النهي عن مباطنتهم فقال جل ذكره ( لا يألونكم خبالا     ) أي : لا يقصرون ولا يتركون جهدهم فيما يورثكم الشر والفساد ، والخبال : الشر والفساد ، ونصب " خبالا " على المفعول الثاني لأن يألو يتعدى إلى مفعولين وقيل : بنزع الخافض ، أي بالخبال كما يقال أوجعته ضربا ، ( ودوا ما عنتم    ) أي : يودون ما يشق عليكم من الضر والشر والهلاك . والعنت : المشقة ( قد بدت البغضاء    ) أي : البغض ، معناه ظهرت أمارة العداوة ، ( من أفواههم ) بالشتيمة والوقيعة في المسلمين ، وقيل : بإطلاع المشركين على أسرار المؤمنين ( وما تخفي صدورهم    ) من العداوة والغيظ ، ( أكبر ) أعظم ، ( قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون    ) 
( ها أنتم ) ها تنبيه وأنتم كناية للمخاطبين من الذكور ، ( أولاء ) اسم للمشار إليهم يريد أنتم أيها المؤمنون ، ( تحبونهم ) أي : تحبون هؤلاء اليهود  الذين نهيتكم عن مباطنتهم للأسباب التي بينكم من   [ ص: 96 ] القرابة والرضاع والمصاهرة ، ( ولا يحبونكم    ) هم لما بينكم من مخالفة الدين ، قال مقاتل    : هم المنافقون يحبهم المؤمنون لما أظهروا من الإيمان ، ولا يعلمون ما في قلوبهم ، ( وتؤمنون بالكتاب كله    ) يعني : بالكتب كلها وهم لا يؤمنون بكتابكم ، ( وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا    ) وكان بعضهم مع بعض ( عضوا عليكم الأنامل من الغيظ    ) يعني : أطراف الأصابع واحدتها أنملة بضم الميم وفتحها ، من الغيظ لما يرون من ائتلاف المؤمنين واجتماع كلمتهم ، وعض الأنامل عبارة عن شدة الغيظ وهذا من مجاز الأمثال ، وإن لم يكن ثم عض ، ( قل موتوا بغيظكم    ) أي : ابقوا إلى الممات بغيظكم ، ( إن الله عليم بذات الصدور    ) أي : بما في القلوب من خير وشر . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					