. . . ( إن الدين عند الله الإسلام وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب    ( 19 ) ) 
( إن الدين عند الله الإسلام     ) يعني الدين المرضي الصحيح ، كما قال تعالى : " ورضيت لكم الإسلام دينا    " ( 3 - المائدة ) وقال " ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه    " ( 85 - آل عمران ) وفتح الكسائي  الألف من : أن الدين ردا على أن الأولى تقديره شهد الله أنه لا إله إلا هو وشهد أن الدين عند الله الإسلام ، أو شهد الله أن الدين عند الله الإسلام بأنه لا إله إلا هو ، وكسر الباقون الألف على الابتداء ، والإسلام  هو الدخول في السلم وهو الانقياد والطاعة ، يقال : أسلم أي دخل في السلم واستسلم ، قال قتادة  في قوله تعالى ( إن الدين عند الله الإسلام    ) قال : شهادة أن لا إله إلا الله والإقرار بما جاء من عند الله تعالى وهو دين الله الذي شرع لنفسه وبعث به رسله ودل عليه أولياءه [ ولا يقبل غيره ولا يجزي إلا به ]   . 
أخبرنا أبو سعيد الشريحي ،  أنا  أبو إسحاق الثعلبي ،  أنا أبو عمرو الفراتي ،  أنا أبو موسى عمران بن موسى ،  أنا الحسن بن سفيان ،  أنا عمار بن عمر بن المختار ،  حدثني أبي عن غالب القطان  قال : أتيت الكوفة  في تجارة فنزلت قريبا من الأعمش  وكنت أختلف إليه فلما كانت ذات ليلة أردت أن أنحدر إلى   [ ص: 19 ] البصرة ،  فإذا الأعمش  قائم من الليل يتهجد ، فمر بهذه الآية ( شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم    ) ثم قال الأعمش    : وأنا أشهد بما شهد الله به وأستودع الله هذه الشهادة وهي لي عند الله وديعة ( إن الدين عند الله الإسلام    ) قالها مرارا قلت لقد سمع فيها شيئا ، فصليت معه وودعته ، ثم قلت : إني سمعتك تقرأ آية ترددها فما بلغك فيها؟ [ قال لي : أوما بلغك ما فيها؟ قلت : أنا عندك منذ سنتين لم تحدثني ] قال : والله لا أحدثك بها إلى سنة ، فكتبت على بابه ذلك اليوم وأقمت سنة ، فلما مضت السنة قلت : يا أبا محمد  قد مضت السنة قال : حدثني أبو وائل  عن عبد الله  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم   " يجاء بصاحبها يوم القيامة فيقول الله : إن لعبدي هذا عندي عهدا ، وأنا أحق من وفى بالعهد ، أدخلوا عبدي الجنة "   . 
قوله تعالى : ( وما اختلف الذين أوتوا الكتاب    ) قال الكلبي    : نزلت في اليهود  والنصارى  حين تركوا الإسلام أي وما اختلف الذين أوتوا الكتاب في نبوة محمد  صلى الله عليه وسلم  إلا من بعد ما جاءهم العلم ، يعني بيان نعته في كتبهم ، وقال الربيع    : إن موسى  عليه السلام لما حضره الموت دعا سبعين رجلا من أحبار بني إسرائيل  فاستودعهم التوراة واستخلف يوشع بن نون ،  فلما مضى القرن الأول والثاني والثالث وقعت الفرقة بينهم وهم الذين أوتوا الكتاب من أبناء أولئك السبعين حتى أهرقوا بينهم الدماء ، ووقع الشر والاختلاف ، وذلك من بعد ما جاءهم العلم يعني بيان ما في التوراة ( بغيا بينهم ) أي طلبا للملك والرياسة ، فسلط الله عليهم الجبابرة وقال محمد بن جعفر بن الزبير    : نزلت في نصارى نجران  ومعناها ( وما اختلف الذين أوتوا الكتاب    ) يعني الإنجيل في أمر عيسى  عليه السلام وفرقوا القول فيه إلا من بعد ما جاءهم العلم بأن الله واحد وأن عيسى  عبده ورسوله ( بغيا بينهم ) أي للمعاداة والمخالفة ( ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب    )   . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					