( لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا    ( 18 ) 
  ( لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك     ) بالحديبية  على أن يناجزوا قريشا  ولا يفروا ) تحت الشجرة    ) وكانت سمرة ، قال  سعيد بن المسيب    : حدثني أبي أنه كان فيمن بايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحت الشجرة ، قال : فلما خرجنا من العام المقبل نسيناها فلم نقدر عليها . 
وروي أن  عمر بن الخطاب    - رضي الله عنه - مر بذلك المكان بعد أن ذهبت الشجرة ، فقال : أين كانت ؟ فجعل بعضهم يقول : هاهنا ، وبعضهم : هاهنا ، فلما كثر اختلافهم قال : سيروا ، قد ذهبت الشجرة . 
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي  ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي  ، أخبرنا محمد بن يوسف  ، حدثنا  محمد بن إسماعيل  ، حدثنا علي بن عبد الله  ، حدثنا سفيان  قال عمرو    : سمعت  جابر بن عبد الله  قال : قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الحديبية    : " أنتم خير أهل الأرض " ، وكنا ألفا وأربعمائة ، ولو كنت أبصر اليوم لأريتكم مكان الشجرة   . 
أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر  ، أخبرنا عبد الغافر بن محمد  ، أخبرنا محمد بن عيسى الجلودي  ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان  ، عن مسلم بن الحجاج  ، حدثنا محمد بن حاتم  ، حدثنا حجاج  ، عن  ابن جريج  أخبرني أبو الزبير  أنه سمع جابرا  يسأل : كم كانوا يوم الحديبية ؟  قال : كنا أربع عشرة مائة فبايعناه ، وعمر  آخذ بيده تحت الشجرة ، وهي سمرة ، فبايعناه غير جد بن قيس الأنصاري   اختبأ تحت بطن بعيره   . 
وروى سالم  عن جابر  قال : كنا خمس عشرة مائة .   [ ص: 305 ] 
وقال عبد الله بن أبي أوفى    : كان أصحاب الشجرة ألفا وثلاثمائة ، وكانت أسلم  ثمن المهاجرين    . 
وكان سبب هذه البيعة - على ما ذكره محمد بن إسحاق  عن أهل العلم - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعا خراش بن أبي أمية الخزاعي   حين نزل الحديبية  ، فبعثه إلى قريش  بمكة  وحمله على جمل له ، يقال له الثعلب ليبلغ أشرافهم عنه ما جاء له ، فعقروا به جمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأرادوا قتله فمنعته الأحابيش  ، فخلوا سبيله حتى أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  عمر بن الخطاب  ليبعثه إلى مكة  ، فقال : يا رسول الله إني أخاف قريشا  على نفسي ، وليس بمكة  من بني عدي بن كعب  أحد يمنعني ، وقد عرفت قريش  عداوتي إياها وغلظتي عليها ، ولكن أدلك على رجل هو أعز بها مني : عثمان بن عفان   ، فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عثمان  ، فبعثه إلى أبي سفيان  وأشراف قريش  يخبرهم أنه لم يأت لحرب ، وإنما جاء زائرا لهذا البيت معظما لحرمته ، فخرج عثمان  إلى مكة  ، فلقيه أبان بن سعد بن العاص  حين دخل مكة  ، أو قبل أن يدخلها ، فنزل عن دابته وحمله بين يديه ، ثم أردفه وأجاره حتى بلغ رسالة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال عظماء قريش  لعثمان  حين فرغ من رسالة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن شئت أن تطوف بالبيت فطف به ، قال : ما كنت لأفعل حتى يطوف به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فاحتبسته قريش  عندها ، فبلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين أن عثمان  قد قتل ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا نبرح حتى نناجز القوم " ، ودعا الناس إلى البيعة ، فكانت بيعة الرضوان  تحت الشجرة . 
وكان الناس يقولون : بايعهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الموت ، قال بكر بن الأشج    : بايعوه على الموت ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " بل على ما استطعتم " . 
وقال  جابر بن عبد الله   ومعقل بن يسار    : لم نبايعه على الموت ولكن بايعناه على أن لا نفر ، فكان أول من بايع بيعة الرضوان  من بني أسد  يقال له أبو سنان بن وهب  ، ولم يتخلف عنه أحد من المسلمين حضرها إلا جد بن قيس  أخو بني سلمة ، قال جابر    : لكأني أنظر إليه لاصقا بإبط ناقته مستترا بها من الناس ، ثم أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الذي ذكر من أمر عثمان  باطل . 
أخبرنا أبو سعيد الشريحي  ، أخبرنا  أبو إسحاق الثعلبي  ، أخبرني الحسين بن محمد بن فنجويه  ، حدثنا علي بن أحمد بن نضرويه  ، حدثنا أبو عمران موسى بن سهل بن عبد الحميد الجوني  ، حدثنا   [ ص: 306 ]  محمد بن رمح  ، حدثنا الليث بن سعد  ، عن  أبي الزبير  ، عن جابر  ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :   " لا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة "   . 
قوله - عز وجل - : ( فعلم ما في قلوبهم    ) من الصدق والوفاء ( فأنزل السكينة    ) الطمأنينة والرضا ( عليهم وأثابهم فتحا قريبا    ) يعني فتح خيبر    . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					